للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: الأثر في توكيل المرأة طلاق غيرها وهي غير مسألتنا وبعض من يرى صحة التمليك والتخيير لا يرى صحة توكيل المرأة طلاق غيرها وتقدم الكلام على المسألة (١).

الأثر الرابع: عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أتملكه هي آخر؟ قال: «لَا». قلت: ملكت عائشة حفصة حين ملكها المنذر أمرها؟ قال: «لَا، إِنَّمَا عَرَضَتْ عَلَيْهَا لَتُطَلِّقَهَا أَمْ لَا وَلَمْ تُمَلِّكْهَا أَمْرَهَا» (٢).

الرد: هذا فهم عطاء بن أبي رباح وقد أخطأ والثابت عنها القول بالتمليك فعن القاسم بن محمد قال: كَانَتْ حَيَّةُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقُرَيْبَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ فَأَغَارَهُمَا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: مَا أَنْكَحَنَا إِلَّا عَائِشَةَ، وَلَكِنَّ الزَّوْجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمَا يَقْهَرُنَا إِلَّا بِعَائِشَةَ ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ أَخَاهَا أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَ قُرَيْبَةَ إِلَى قُرَيْبَةَ، فَفَعَلَ، فَبَعَثَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِأُخْتِهَا: أَمَّا عَائِشَةُ فَقَدْ قَضَتْ مُدَّتَهَا [هكذا في المطبوع]، وَأَمَّا أَنْتِ فَأَحْدِثِي مِنْ أَمْرِكِ مَا شِئْتِ، فَقَالَتْ: فَإِنِّي أَرُدُّ أَمْرِي عَلَى زَوْجِي، فَلَمْ يُحْسَبْ شَيْئًا.

فالصحابة مجمعون على وقوع الطلاق ولم ينقل عنهم خلاف في هذا وإنَّما خلافهم في نوع الطلاق هل هو رجعي أو بائن وفي عدده هل هو واحدة أو ثلاث. قال ابن القيم: الثابت عن الصحابة اعتبار ذلك، ووقوع الطلاق به، وإن اختلفوا فيما تملك به المرأة، والقول بأنَّ ذلك لا أثر له لا يعرف عن أحد من الصحابة البتة (٣) ولولا هيبة أصحاب رسول الله لما عدلنا عن هذا القول لكن أصحاب رسول الله هم القدوة وإن اختلفوا في حكم التخيير، ففي ضمن اختلافهم اتفاقهم على اعتبار التخيير، وعدم إلغائه (٤) ونقل إجماع الصحابة غير ابن القيم (٥).

وقت ظهور الخلاف: بعد إجماع الصحابة ظهر الخلاف في عصر التابعين


(١) انظر: (ص: ٦٠٤).
(٢) رواه عبد الرزاق (١١٩٤٨) قال: أخبرنا ابن جريج قال: فذكره وإسناده صحيح.
(٣) زاد المعاد (٥/ ٢٩٨).
(٤) زاد المعاد (٥/ ٢٩٩).
(٥) انظر: فتح القدير (٣/ ٤١٩)، وبدائع الصنائع (٣/ ١١٧، ١١٨)، وتبيين الحقائق (٣/ ٨٥، ٨٧، ٩١)، والبحر الرائق (٣/ ٥٥٠، ٥٦٧).

<<  <   >  >>