[الصلح في الإقرار والإنكار]
قال: [ومن كان له على غيره حق لا يعلمه المدّعى عليه فصالحه على شيء جاز].
أي عندما تأتي تتقاضى من بعض خصومك قد تجد منهم من ينكر، ففي هذه الحالة أنتما مدع ومدّعى عليه، فالمدّعي هو الدائن، والمدّعى عليه المدين، فإن صالحه عليه جاز، وإذا صالح على البعض لم يجز البعض الآخر.
[فإن كان أحدهما يعلم كذبه في نفسه فالصلح باطل].
أي: أن الصلح هنا في شكله الظاهر يسري، لكنه بالنسبة لأحدهما باطل؛ لأنه يعلم أنه كذّاب.
قال: [وهذا هو الصلح على الإنكار].
فالصلح ينقسم إلى قسمين: صلح على إقرار وصلح على إنكار.
[وهو أن يدعي على إنسان عيناً في يده أو ديناً في ذمته لمعاملة، أو جناية، أو إتلاف، أو غصب، أو تفريط في وديعة، أو مضاربة ونحو ذلك، فينكره ويصالحه بمال، فيصح إذا كان المنكر معتقداً بطلان الدعوى، فيدفع إليه المال افتداء ليمينه ودفعاً للخصومة عن نفسه، والمدعي يعتقد صحتها، فيأخذه عوضاً عن حقه الثابت له؛ لأنه صلح يصح مع الأجنبي فيصح بين الخصمين كالصلح في الإقرار].
والمعنى: أنه يجوز الصلح مع الإنكار لو أقره أحد الخصمين ويسري في حقهما، إلا أن يكون أحدهما كاذباً، فيكون الصلح في حقه باطلاً مع سريانه ظاهراً.
ثم قال: [ومن كان له حق على رجل لا يعلمان قدره فاصطلحا عليه جاز؛ لأن الحق لهما لا يخرج عنهما].
والمعنى: أنت مدين لي وأنا دائن لك، فلا المدين يعرف ولا الدائن يعرف.
الطرفان يعترفان بأن لأحدهما حق، لكنهما اختلفا في قيمته، فاصطلحا على مبلغ معيّن، فأحدهما قال: أنا أقر بما تقول واتفقا على المبلغ جاز ذلك.
قال: [ومن كان له حق على رجل لا يعلمان قدره فاصطلحا عليه جاز؛ لأن الحق لهما لا يخرج عنهما، فإذا اتفقا عليه جاز كما لو اتفقا على أن يتبارأا].
أي: هذا يبرئ هذا، وهذا يبرئه يجوز.