للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم جواز المطالبة بالدين قبل حلول أجله]

قال المصنف: [باب أحكام الدين.

من لزمه دين مؤجل].

يقول شخص: أنا لي عندك (١٠٠٠٠) أستحقها في شهر ١٢/ ٢٠٠٥م فإذا كنت أحتاج المال فجئتك وقلت: أنا أحتاج المبلغ قبل موعده، وأنا أضع لك من المبلغ (٣٠٠٠)، أي: أعطني الآن (٧٠٠٠) هل يجوز هذا؟ بنص حديث البخاري يجوز، إذ إن كعب بن مالك كان له دين على أحد الصحابة لعله يسمى أبو حدرد فطلب كعب بن مالك الدين من الرجل في المسجد فعلت أصواتهما، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم الغطاء من حجرته وخرج إليهما، فقال: ما الأمر يا كعب؟ فقال: عنده دين يماطل في السداد، قال: يا كعب ضع الشطر، أي: اترك النصف، فوضع كعب الشطر، بإرادته، لأنه مكروب ويحتاج إلى مبلغ في ذلك الوقت.

لكن أن يستغل المقترض حاجة المقرض ويقول له: ضع كذا من المال وأنا أعطيك الباقي الآن، فهذا لا يجوز، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه الآن، طالما أنه قد وضع عنك الشطر، ولا يستطيع أن يقول المقترض عند ذلك: أعطني مهلة.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ كعب بن مالك كان على سبيل الندب والاستحباب لا على سبيل الوجوب والإلزام، لكن إن كان الدائن يحتاج إلى مبلغ من المال فقال للمدين: أعطني المبلغ قبل أوانه، فهنا نقول: ليس للدائن أن يطالب بحقه قبل الموعد؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة:٢٨٢]، ولذلك قال المصنف رحمه الله تعالى: [من لزمه دين مؤجل لم يطالب به قبل أجله]، كأن يقترض رجل من آخر مبلغ (١٠٠٠) جنيه، على أن السداد يكون في ١/ ١٢، فهل له أن يطالبه في شهر ٥؟ لا؛ لأن من لزمه دين مؤجل لم يطالب به قبل أجله.

قال: [لأنه لا يلزمه أداؤه قبل أجله، ولم يحجر عليه من أجله؛ لأنه لا يستحق المطالبة به قبل أجله فلم يملك منعه من ماله بسببه].

والحجر هو: المنع من التصرف بالمال، فلو أن رجلاً مديناً لآخر بمائة ألف من الجنيهات يستحقها في ١/ ١/٢٠٠٥م، وكل ما يملكه الآن هو خمسة آلاف، فهل نستطيع أن نحجر عليه؟ لا، لأن وقت الدين لم يحن بعد.

قال: [ولم يحل تفليسه؛ لأن الأجل حق له فلا يسقط بفلسه كسائر حقوقه].

إي: إذا حان أجل تسديد الدين للمقرض أو الدائن المطالبة عند ذلك، أما قبل ذلك فلا يجوز له أن يشهر إفلاس المقترض.