ليس هناك صلاة للرجال في البيت إلا النافلة، صلاة البيت للنساء، أما الرجال في المساجد:(ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)، وإن كان الحديث فيه كلام، لكن لا بد أن تعلم أن المساجد جعلت للصلاة، وحديث ابن أم مكتوم الرجل الأعمى الذي لم يجد من يقوده إلى المسجد، ربما تعترضه هوام، وربما يصطدم بشجرة في الطريق، وربما يقع في حفرة، فلم يرخص له النبي في ترك الجماعة، بل قال له:(أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب).
يا مبصر! النبي لم يرخص لأعمى في ترك الجماعة، فهل تريد منا أن نرخص لك أن تصلي في بيتك، والله يقول:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم:٤٢ - ٤٣]، كلمة يدعون هنا بمعنى: ينادى عليهم بالصلاة، حي على الصلاة، فالذي صلى في بيته وترك الجماعة لم يستجب للمؤذن.
وخير دليل استدل به شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله: أن الله عز وجل رخص للمقاتلين في سبيله أن يصلوا إلى غير قبلة، فيصلون إلى جهة العدو، أو رجالاً أو ركباناً، ويصلون في نعالهم، ويصلون والسلاح على أكتافهم، ويصلون ركعة ثم يتأخرون كما جاء في وصف صلاة الخوف، ومع كل هذا لم يرخص لهم في ترك الجماعة، فقال تعالى:{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}[النساء:١٠٢]، انظر إلى الحرص على الجماعة حتى في القتال، طائفة تدافع وطائفة تصلي في الخلف هذا دليل وجوب واضح، وأنت آمن ليس هناك ما يمنعك من الصلاة في الجماعة، ولكن يمكن أن تصلي النافلة مع أهلك كما جاء في حديث معاذ الذي في البخاري حيث كان يصلي العشاء الآخرة خلف النبي عليه الصلاة والسلام ثم يعود إلى قومه فيصلي بهم العشاء هو متنفل وهم مفترضون، وهذا دليل الشافعي -والراجح خلافاً للجمهور- على أنه يجوز للمتنفل أن يؤم المفترض، وحديث معاذ حجة وعمدة في هذا.