قال: [قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً فيجب عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)].
وإذا نذر الرجل معصية لا يجب عليه الوفاء؛ لحديث أبي إسرائيل أنه رآه النبي صلى الله عليه وسلم واقفاً في حر الشمس فقال:(من هذا؟ قالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل، ولا يقعد، وأن يصوم، -أي: أنه نذر الصيام، والقيام في حر الشمس، وعدم القعود- فقال: مروه فليستظل وليجلس وليتم صومه)، فأقره على نذر الطاعة، ولم يقره على نذر المعصية.
ومن نذر أن يعتكف وجب عليه ذلك، لكن إن نذر أن يعتكف في مسجد معين فله ذلك، وبعض العلماء يقولون: الاعتكاف لا يجوز إلا في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو المسجد الأقصى، أي: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، وهذا الكلام مردود عليهم بلا أدنى شك بتبويب البخاري في صحيحه: باب الاعتكاف في المساجد؛ لأن الله قال:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة:١٨٧]، أي: طالما أن المسجد تقام فيه جمعة وجماعة فيجوز الاعتكاف فيه بدون أدنى شك.