للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قتل الصيد]

[السادس: قتل الصيد، وهو ما كان وحشياً مباحاً].

قتل الصيد جاء في القرآن دليل منعه وهو قول ربنا سبحانه: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:٩٥]، وقال سبحانه: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:٩٦].

فلو أن رجلاً محرماً اصطاد صيداً من عرفة، ورجلاً غير محرم اصطاد صيداً من منى، ما حكم الأول وما حكم الآخر؟ عرفة من الحل، لكنه محرم، ويحظر عليه أن يصطاد من حرم أو من حل، وأما غير المحرم فقد اصطاد من منى وهي من الحرم؛ فيحظر صيد الحرم سواء لمحرم أو لغير محرم، إذاً: العبرة بالحكم الشرعي، إن اصطاد في حل وهو محرم لا ينبغي، وإن اصطاد في الحرم لا ينبغي؛ لأن من خصائص بلد الله الحرام أنه يمنع فيه الصيد.

قوله: (قتل الصيد وهو ما كان وحشياً)، الوحشي هو ما لا يقتنى في البيت.

فلو أن رجلاً محرماً اصطاد بطة فلا شيء عليه؛ لأن هذا لا يسمى صيداً، إنما الصيد هو الوحشي الذي لا يقتنى في الدار.

ولو أن رجلاً محرماً اصطاد حمامة فعليه فدية؛ لأن الحمامة الأصل فيه الطير، ولذلك قال: (ما كان وحشياً مباحاً)، مباحاً يعني: حلالاً، فإن كان محرماً فلا يجوز.

قال: [لا خلاف بين أهل العلم في تحريم قتل الصيد واصطياده على المحرم، وقد قال سبحانه: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:٩٥]].

ومن جانب آخر لو أن محرماً اصطاد من البحر سمكة فلا شيء عليه.

[وقال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة:٩٦]].

فصيد البحر يجوز أما صيد البر فلا يجوز، وأما الأهلي فلا يحرم، والأهلي هو الذي يقتنى عند الأهل، يعني: يستأنس، تفتح الحظيرة ويبيت عندك وتقدم له الطعام والشراب.

هذا لا يعد صيداً، إنما هذا يسمى أهلياً، أما الوحشي فهو الذي لا تتحكم فيه.

[أما الأهلي فلا يحرم؛ لأنه ليس بصيد، وإنما حرم الصيد، والحرام ليس بصيد أيضاً لأنه محرم].

إذاً: الذي يحرم على المحرم من الصيد هو الوحشي المباح البري، وأما المحرم فالأصل فيه أنه يحرم؛ لأنه محرم، فلو أن رجلاً اصطاد خنزيراً وهو محرم فهذا لا يجوز؛ لأنه يحرم عليه، فالأصل فيه أنه حرام.

قال: [وأما صيد البحر فإنه مباح، قال سبحانه: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة:٩٦]].

وسنتحدث عن باب الفدية عن كل محظور وفديته، وهي تسعة محظورات لكل محظور فدية.

يستثنى للمحرم أشياء يقتلن في الحل والحرم، لحديث: (خمس يقتلن في الحل والحرم)، فلو قتل المحرم حية فلا شيء عليه؛ لأن هذا خاص يقيد العام، وسنتحدث عن هذا بالتفصيل في باب الفدية.