[حكم لبس المحرم للمخيط]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الثالث: لبس المخيط].
يحظر على المحرم أن يلبس المخيط، وهذا للرجل فقط، أما المرأة فتحرم في ملابسها، فهذا المحظور يخص الرجل.
والمخيط عندنا هو ما يفصل على الجسد؛ لأن البعض يظن أن المخيط ما كان به خيط، وهذا جهل مركب، فإن في كل الثياب خيط، حتى في الإزار الذي يلبس، وفي الحزام الذي يربط، وفي الخف الذي يلبس، فهذا ليس معناه أن يخلعوا الساعات لأن حزامها جلد فيه خيط.
فهي من المخيط؛ ففهموا أن المخيط هو كل ما فيه خيط، وليس كذلك فإن المخيط هو ما يفصل على الجسد.
ثم قال: [إلا ألا يجد إزاراً فيلبس السراويل] والإزار للمكان الأسفل، والرداء للمكان الأعلى، فإذا لم تجد إزاراً فالبس السروال الذي ليس مخيطاً، وليس السروال المفصل على الجسد مثل (البيجامة) ونحوها.
فالمحرم إن لم يجد الإزار يلبس السروال وإن لم يجد نعلين فيلبس خفين، لكن شريطة أن يجعل الخفين تحت الكعبين، والكعب: هو النتوء الذي يبرز من اليمين واليسار في القدم، يلبس بحيث يكون حائط الخف أسفل الكعب ولا يعلو ذلك.
قال الشارح: [أو لا يجد نعلين فيلبس خفين ولا فدية عليه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القميص والسراويل والخفاف والبرانس].
ننتبه من إجماعات ابن المنذر، قال علماؤنا: لا تعتد بإجماع ابن المنذر ولا تصحيح الحاكم ولا وضع ابن الجوزي، فـ ابن الجوزي متساهل ممكن يقول على حديث في مسلم: موضوع، فلا تعتد به.
والحاكم يصحح بسهولة، وابن المنذر يتساهل في نقل الإجماع، فأحياناً يقول: أجمعوا ولا إجماع، فإجماعات ابن المنذر في كتابه تحتاج إلى استئناس من ناقل آخر، يعني: لا تقل: المسألة فيها إجماع ودليلي أن ابن المنذر نقل الإجماع؛ لأن ابن المنذر يحتاج إلى من يكون بجنبه يؤيد نقله.
وكذلك أيضاً هنا ابن قدامة قال: وأجمع العلماء، وهذه المسألة ليس فيها إجماع، وكلمة إجماع قد تطلق ويراد بها إجماع أهل المذهب أو إجماع أهل المصر أو إجماع علماء معينين وهكذا.
قال الشارح: [قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القمص والسراويل والخفاف والبرانس.
والأصل في هذا ما روى ابن عمر أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يلبس المحرم من الثياب؟)].
والحديث هذا متفق عليه.
فهذا الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يلبس المحرم من ثياب، والأصل أن يلبس كل شيء، والمحظور لبس أشياء معينة، فعدد له ما لا يلبس وهذه إجابة حكيم صلى الله عليه وسلم، فالسؤال عما يلبس، فأجابه بما لا يلبس والباقي يلبسه، فقال: (لا تلبس القمص)، والقميص للرجل والجلباب للمرأة، قال تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:٥٩].
قال: (لا تلبسوا القمص ولا العمائم)، فغطاء الرأس لا يجوز، وبعض المحرمين إذا ما نام وهو محرم يلتف بالبطانية ويدخل رأسه تحتها، وهذا لا يجوز؛ لأنه غطى الرأس.
والبعض أيضاً يضع على أنفه الكمامة ثم يرفعها إلى أعلى رأسه ويضعها مثل الطاقية على رأسه ويمشي، وهذا أيضاً غطى جزء من الرأس لا يجوز.
وفي مرة من المرات في مطار جدة كانوا يعطون حقن تطعيم للحاج الذي لم يطعم، فرأيت رجلاً يأتي بكالونيا ويمسح مكان الحقنة للمحرم، وهذا طيب، فانظروا إلى المحظورات التي ترتكب.
ومحرم آخر أتى بصابونة (لوكس) ودخل يغتسل بها، وهذا طيب لا يجوز، وهكذا معجون أسنان برائحة هذا لا يجوز إلى غير ذلك من المحظورات التي تقع بغير عمد أو بغير دراية.
قال: (لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس)، البرانس هي غطاء الرأس، فإن لم يجد قميصاً فيلبس سروالاً، والسراويلات المفصلة على الجسد لا تجوز، والسروال الفضفاض الواسع يلبسه في حالة عدم وجود الإزار أو الرداء.
قال: (ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس)، يعني: الطيب، متفق عليه.
يعني: لا تلبس من الثياب شيئاً مسه الزعفران، ولذلك ذكرنا قبل ذلك: أن المحرم حينما يحرم يطيب المغابن والمفارق ولا يطيب الإحرام، فيضع عليه طيباً كما يفعل البعض.
قال الشارح: [وروى ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات: (من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سروايل المحرم) متفق عليه، وهو ظاهر في إسقاط الفدية؛ لأنه لم يذكرها].
إذاً: محظورات الإحرام تسعة.
ذكرنا منها ثلاثة، ويبقى ستة، ذكرنا منها حلق الرأس ثم تقليم الأظافر ثم لبس المخيط.
وإن شاء الله نكمل بعد