[صفة رمي الجمرات يوم النحر وأيام التشريق]
ثم قال المصنف: [فيرمي بها الجمرات بعد الزوال]، يعني: يبيت بمنى ويرمي الجمرات، بعد الظهر، فيرمي جمرة العقبة قبل الزوال، والجمرتان يرميهما بعد الزوال، وهذا يحتاج إلى إعادة نظر، نعم قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الرمي بعد الزوال، لكن ليس معنى هذا أن الرمي لا يمتد، بل يمتد لأهل الأعذار إلى غروب الشمس، بل إلى الليل؛ لأنه من الصعوبة بمكان أن يرمي الحجيج مرة واحدة بعد الزوال؛ فلا بد أيضاً من إعادة النظر في بعض مناسك الحج في ضوء الزحام الشديد: كالرمل، فلا يمكن أن ترمل حول البيت في حال الزحام الشديد.
وكالدعاء بعد رمي الجمار، فلا يتصور أن تقف وتدعو بمقدار سورة البقرة.
فهناك بعض الأمور الفقهية تحتاج من فقهاء الأمة إلى إعادة نظر، لكن ليس كما قال الدكتور القرضاوي: أنه يجوز أن تتصدق بثمن الأضحية لأجل فلسطين.
وهذا الكلام يخالف الشرع؛ لأن الأضحية نسك، والغرض منها إسالة الدماء في يوم النحر، وهذه الفتوى توزع على النقابات المهنية ويقولون فيها: خذ الأجر مرتين، أجر الأضحية وأجر التصدق لإخوانك في فلسطين، ولم يقل بهذا الكلام أحد من أهل العلم أبداًَ، وليس له سلف، فإن الأضحية نسك، ونحن نجل العلماء ونقدرهم، لكن الحق أحب إلينا، فإسالة الدماء في يوم العيد مقصودة لذاتها، وأحب الأعمال إلى الله في يوم النحر: هي إسالة الدماء، لو أن الأمة جميعاً تصدقت بالمبالغ إلى فلسطين، إذاً لن تسال دماء في يوم العيد، إذاً ما فائدة يوم النحر، وما سمي بهذا الاسم إلا وفيه نحر، وقد صدروا الفتوى بحديث موضوع مكذوب وهو عند ابن ماجه، (ما بال الأضحية؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم، لكم بكل شعرة حسنة)، وقد حققت هذه الأحاديث مجلة التوحيد في هذا الشهر.
فلابد أن يراجع نفسه من قال هذا الكلام.
قال الشارح: [فيرمي الجمرات بعد الزوال من أيامها كل جمرة بسبع حصيات، فيبتدئ بالجمرة الأولى فيستقبل القبلة ويرميها بسبع حصيات كما رمى جمرة العقبة؛ لأن جملة ما يرمي به الحاج سبعون حصاة]: يرمي في يوم النحر سبعاً.
وفي اليوم الأول من أيام التشريق واحداً وعشرين.
ثم في اليوم الثاني واحداً وعشرين.
وإن تأخر في اليوم الثالث فيرمي واحداً وعشرين فيكون المجموع: سبعين حصاة.
قال الشارح: [لأن جملة ما يرمي به الحاج سبعون حصاة: سبع منها يوم النحر بعد طلوع الشمس، وسائرها في أيام التشريق بعد زوال الشمس، كل يوم إحدى وعشرين حصاة لثلاث جمرات]، ويجوز التوكيل في الرمي لأهل الأعذار، فالمرأة بدلاً من أن ترمي الجمرة وتخالط الرجال في هذا الزحام الشديد؛ يجوز لها أن توكل غيرها في الرمي، ولا بأس بذلك، فهي معذورة.
قال الشارح: [يبتدئ بالجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات من مكة، وتلي مسجد الخيف، فيجعلها عن يساره ويستقبل القبلة، ويرميها بسبع حصيات كما وصفنا في جمرة العقبة، ثم يتقدم عنها إلى موضع لا يصيبه الحصا، فيقف طويلاً]، بعد رمي الجمرة الصغرى يقف طويلاً، أما الآن فهذا صعب جداً، وبعض الناس يريد أن يطبق هذه السنة فيعرقل الناس، والبعض يصر على تقبيل الحجر، ولو كان فيه إيذاء للمسلمين، وليس هذا من الفقه بحال.
ثم قال الشارح: [يدعو الله عز وجل رافعاً يديه، ثم يتقدم إلى الوسطى فيجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة، ويرميها بسبع حصيات، ويفعل من الوقوف والدعاء كما فعل في الأولى، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة ولا يقف عندها]، أي: أنه يقف بعد الجمرة الأولى وبعد الثانية.
قال الشارح: [قالت عائشة رضي الله عنها: (أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث فيها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرات إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، يقف عند الأولى والثانية، ويطيل القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يقف عندها) رواه أبو داود.
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه كان يرمي الجمرة الأولى بسبع حصيات، فيكبر على أثر كل حصاة، ثم يتقدم ويُسْهِل)]، ومعنى ذلك: أنه يمشي بسهولة ويسر.
قال الشارح: [(ويقوم قياماً طويلاً ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ بذات الشمال فيُسْهِل، ويقوم مستقبلاً القبلة قياماً طويلاً، ثم يرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ثم ينصرف، قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله)]، وابن عمر كان متمسكاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك فإنه في يوم مطر شديد -وهذا الحديث في البخاري في كتاب الأذان- كان المؤذن يؤذن فوق سطح المسجد والجو شتاء، فقال ابن عمر حينما بلغ المؤذن: حي على الصلاة، قال: قل: صلوا في رحالكم، يعني: أمره أن يستبدل: حي على الصلاة بقوله: صلوا في رحالكم، ثم قال للناس: فعلها من هـ