للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استحباب النطق بنوع الإحرام]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويستحب أن ينطق بما أحرم به، ويشترط] يعني يقولها بلسانه حتى يسمع بها نفسه: لبيك عمرة أو لبيك حجاً أو لبيك حجاً وعمرة، يعني يقول: إن حج مفرداً: لبيك حجاً، وإن حج متمتعاً يقول: لبيك عمرة؛ لأنه سيؤدي العمرة ثم يتحلل ثم ينتظر إلى يوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية فيحرم من جديد من مكانه بحج فيقول: لبيك حجاً، هذا هو التمتع، فإن حج قارناً يقول: لبيك حجاً وعمرة، فهنا قرن بين الاثنين.

ولا بد أن يحدد النسك في حال إحرامه من الميقات، فيقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني، فإن حج عن نفسه يقول: لبيك حجاً فاقبله مني، مثلاً، وإن حج عن غيره يقول: لبيك عن فلان، ويلبي عن الذي يحج عنه من الميقات، فلا بد أن يحدد.

ثم يشترط ويقول: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وهذا يسميه العلماء: اشتراط، فيشترط عند إحرامه بحيث إذا حبسه حابس لا يلزمه فدية؛ لأنه اشترط عند إحرامه، فيقول: لبيك حجاً فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، أو: لبيك عمرة فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ويفيد الاشتراط أنه إذا أعاقه عائق من عدو أو مرض أو ذهاب نفقة فله التحلل ولا دم عليه ولا صوم، فإذا أعاقه عائق في الطريق، أو عرض له عارض كأن تمنعه الشرطة من دخول مكة، وكنفاد نفقته، وكانتهاء صلاحية التأشيرة، كل ذلك وارد فإن اشترط عند الإحرام يتحلل ولا شيء عليه، أما إن لم يشترط فيلزمه فدية.

قال: [لما روى ابن عباس: أن ضباعة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال: (قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني، فإن لك على ربك ما استثنيت)، رواه مسلم.

وروت عائشة قالت (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير وهي شاكية -تشكو من مرض- فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني)].

قال بعض الفقهاء: إن الاشتراط يكون في حال الخوف والمرض، أما رجل لا يخاف من عدو وآمن وليس به مرض فلماذا يشترط؟ فـ ضباعة كانت تشتكي، فأمرها بالاشتراط، ومن ثم الاشتراط يكون لعلة، وطالما أنت في طائرة فإنك لا تدري ربما تعوق الطائرة ظروف جوية فتهبط أو تعود، وربما في المطار يمنعونك؛ لفساد التأشيرة، أو لكذا أو كذا، فطالما أنت في طريق لا تضمن فاشترط؛ حتى تخرج من الخلاف، وقل: لبيك عمرة، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني.

ويشترط في الميقات، ولا عبرة بالاشتراط قبل الميقات، فحينما يقول قائد الطائرة: نحن على مقربة من الميقات، أو بقي على الميقات ربع ساعة، أو نحن الآن في الميقات، فعند محاذاة الميقات تقول: لبيك عمرة فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ومن هذا الوقت يحاسب المحرم في ارتكاب المحظورات؛ لأنه أحرم من هذه اللحظة.

ولا يحرم قبل الميقات، جاء رجل إلى الإمام مالك وقال: يا إمام! إني أريد أن أحرم من الروضة قال: من أي البلاد أنت؟ قال: من المدينة، قال: إحرامك من ذي الحليفة، قال: إني أريد أن أحرم من روضة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تفعل؛ فإني أخاف عليك الفتنة، قال: وأي فتنة يا إمام! إن هي إلا أميال أزيدها؟ فتلا مالك: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣]، فالإحرام من الميقات سنة النبي عليه الصلاة والسلام.

ولو أحرم قبل الميقات ولبى فإحرامه صحيح، لكنه خالف السنة.