[سبب تأخر حجة النبي صلى الله عليه وسلم رغم أن الحج فرض قبل ذلك]
تأجيل الحج ليس من هدي الإسلام، أما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع متأخراً، رغم أن الحج فرض قبل ذلك، فإن هناك أموراً: أولاً: هناك خلاف بين العلماء، هل فرض الحج في العام التاسع أم في العام السادس؟ ثانياً: أنه أرسل أبا بكر وعلياً ليعلنا في الناس ألا يطوف بعد العام بالبيت مشرك ولا عريان؛ لأن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عرايا، ويقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكاً هو لك تملكته وما ملك، قال تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال:٣٥] يعني: تصفيراً وتصفيقاً، كحال المتصوفة اليوم، فإنهم يصفقون ويصفرون ويرقصون، ومعنى: ((وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ))، يعني: دعاؤهم، وهل يستقيم الذكر مع التصفيق والصفير والطبل؟! نسأل الله العافية، حتى إني سمعت أحدهم يغني أغنية لسيدة الغناء وبعض الناس يذكرون الله عليها، ويقولون: هذا هو الإسلام! نسأل الله العافية.
قال: [ويعتبر للمرأة وجود محرمها وهو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح].
فلا يجوز للمرأة أن تحج مع زوج أختها، لأنه محرم على التوقيف، كما لا يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، فلا يجوز له أن يحج مع عمة زوجته أو مع خالتها، فهذه الحرمة ليست على التأبيد، وإنما بمجرد موت الزوجة أو الطلاق تحل له عمة زوجته أو خالتها أو أختها.
إذاً: المحرم هو كل من يحرم عليها على التأبيد، كالأب والزوج وأبو الزوج، لأنه إذا نكح الولد امرأة لا تحل لأبيه أبداً من بعده.
أما مسألة أيهما يقدم: الزواج أم الحج؟ فقد أجاب شيخ الإسلام عن ذلك بقصيدة ذكرها في الفتاوى، يقول فيها: إن الحج مقدم على الزواج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر كما ينفي الكير خبث الحديد)، فمن أراد الغنى والزواج فعليه بالحج والعمرة، لا تكن حريصاً على هذا المال الذي تحتفظ به، فربما تأتيك المنية، فيا عبد الله! عليك أن تسارع، والحج يجب على الفور وليس على التراخي، وإذا نظرت إلى البعثة المصرية في موسم الحج لرأيت أن أعمار معظم الحجاج فوق التسعين سنة.
أي: في سن الشيخوخة.
أما قول القائل: الزواج نصف الدين أو يقدم الزواج ويعصم نفسه فهذا كلام صحيح، الزواج ينطبق عليه الأحكام التكليفية الخمسة، وابن تيمية لم يتزوج، والنووي لم يتزوج، وقد يكون الزواج واجباً في حق المكلف إن لم يستطع أن يتحمل البعد عن هذه الفتن، لكن أقول: الحج فريضة وركن من أركان الإسلام، ولا ينبغي أن تؤجله أبداً بدعوى أنك لا تملك سيارة أو بيتاً أو أنك لم تزوج الأبناء، فإذا بلغ عمرك السبعين أو الثمانين ذهبت إلى الحج فلا بد من تعجيل الحج كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: [لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل -يعني: يحرم- لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرم) متفق عليه].
فالمرأة إذا سافرت بدون محرم فإن ذلك فتنة، سواء كانت كبيرة في السن أو مع صحبة آمنة، فإن قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يحل لامرأة) جاء نكرة ليفيد العموم.
ولا يجوز للمرأة في هذه الحالة أن تعطي مبلغاً من المال لمن يحج عنها؛ لأن الحج ليس واجباً في حقها، فلا يجوز أن تنيب غيرها ليحج عنها.
أما قول الشافعي: يجوز مع الصحبة الآمنة، فلو عاصر الشافعي زماننا ما قال هذا القول، فلم توجد الصحبة الآمنة لوجود خفة الدين فضلاً عن الفتن التي نراها، فمهما كبر سن المرأة لا يحل لها أن تسافر بدون محرم، فإنه يسقط عنها الفريضة إن لم تجد المحرم.