للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دخول الوقت وذكر أوقات الصلاة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الشرط الثاني: الوقت -دخول الوقت- ووقت الظهر: من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله]، يعني: أن وقت الظهر له بداية وله نهاية، وأول وقت الظهر عند الزوال، والمقصود بالزوال انحراف الشمس عن وسط السماء، فوقت الظهر يبدأ بمجرد أن تصل الشمس إلى وسط السماء ثم تتحرك قليلاً، فبمجرد أن تتحرك عن وسط السماء يبدأ وقت الظهر، وينتهي وقت الظهر حينما يصير ظل كل شيء مثله.

ويبدأ وقت العصر حينما يكون ظل كل شيء مثله، وينتهي وقت العصر حينما يكون ظل كل شيء مثليه، وفي رواية أخرى لـ أحمد: عند اصفرار الشمس، وسنتحدث عن وقت العصر بعد.

قال في الشرح: [ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عنه الشمس؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر في المرة الأولى حين زالت الشمس، والفيء مثل الشراك)].

والفيء يعني: الظل، ومعنى (مثل الشراك): شراك النعل، قال أبو بكر رضي الله عنه: كل امرئٍ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله يعني: أن الموت أقرب إليه من شراك النعل، والشراك هو رباط الحذاء، فتجد الظل في وقت الزوال إذا كان كشراك النعل، فهذا هو أول وقت للظهر.

قال: [(ثم صلى بي المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثله، وقال: الوقت ما بين هذين)، قال الترمذي: حديث حسن، ويعرف زوال الشمس بطول الظل بعد تناهي قصره].

يعرف زوال الشمس بطول الظل، ويبدأ الظل في الزيادة بعد أن كان قصيراً.

ووقت الظهر هو وقت الجمعة، ووقت الجمعة أيضاً له وقت بداية ونهاية، ونهاية وقت الجمعة هو بداية وقت العصر، يعني: أنه يمتد وقت الجمعة إلى نداء العصر، لكن متى يبدأ وقت الجمعة؟ هل بالظهر أم قبل ذلك؟ يقول جابر كما في صحيح مسلم: (كنا نصلي الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ونذهب إلى جمالنا نريحها ولم تزل الشمس عن وسط السماء)، يعني: كانوا يصلون الجمعة قبل وقت الظهر، أي: كانوا يبكرون بالجمعة أحياناً، فللإمام الراتب أن يبكر بصلاة الجمعة إن رأى أن في ذلك مصلحة أو رخصة، أما أن يؤخر الصلاة فليس من السنة، وإني أعجب من بعض المساجد التي تؤخر صلاة الجمعة فإن هذا مخالف للسنة، فإن شاءوا فليعودوا إلى البخاري أو أي كتاب من كتب السنة؛ لينظروا كيف كانت سنة النبي عليه الصلاة والسلام، والتزام السنة أولى من تركها، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

فإن قال قائل: إذا كان يوم غيم أو مطر كيف نعرف الزوال؟ ف

الجواب

الحمد لله عندنا الآن الساعات وعندنا وسائل عديدة لمعرفة وقت الزوال.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ووقت العصر -وهي الوسطى- من آخر وقت الظهر إلى أن تصفر الشمس].

والعصر هي الصلاة الوسطى، قال في الشرح: [لما روي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (شغلونا عن صلاة العصر الصلاة الوسطى ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً)، متفق عليه].

أي: أن الصلاة الوسطى بنص هذا الحديث هي صلاة العصر، [وأول وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله، وهو آخر وقت الظهر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل: (وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله)، وآخره ما لم تصفر الشمس، لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس)، رواه مسلم.

وعنه أن آخره -يعني: رواية أخرى عن أحمد - إذا صار ظل كل شيء مثليه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (وصلى بي جبريل العصر في المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثليه).

ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس، والضرورة: العذر، يعني: لا يباح تأخيرها إلا لعذر؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته)، متفق عليه].

إذاً: العصر له وقتان: وقت اختياري ووقت اضطراري، فإن سأل سائل: هل يجوز أن أصلي العصر بعد غروب الشمس وقبل نداء المغرب؟ فنقول: هل أنت من أهل الأعذار؟ فإن كان لك عذر فيجوز؛ لأن هذا هو وقت الاضطرار، أما وقت الاختيار فينتهي باصفرار الشمس، أو بأن يصير ظل كل شيء مثليه.

وفي الحديث: (تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق، الذي يجلس يرتقب الشمس إلى الغروب فإذا غربت قام فنقرها أربعاً)، فحكم عليه أنه منافق؛ لأنه يؤخرها بلا عذر؛ وليس هو من أهل الأعذار.

فعند الإمام أحمد أن العصر له وقتان: وقت اختيار ووقت اضطرار، ووقت الاختيار يبدأ من نهاية وقت الظهر وذلك