[الالتزام بنظافة المسجد من شعائر الدين]
السؤال
في المسجد أولاد وأطفال وطعام وورق وكل شيء من الإهمال والقذارة وكلام وضحك وحكايات نساء، أستحلفك بالله إنقاذي من ذلك؟
الجواب
والله إنه لمشهد عجيب، حتى الالتزام بالنظافة لا نقدر عليه، وكأنه لا يوجد أخلاق: لا حلم، ولا شجاعة، ولا حياء ولا ولا إلى آخره، فالإسلام يدعونا إلى النظافة، فعندما يدخل المسلم المسجد يكون نظيفاً خاشعاً، وفي الطريق العام يسير بحياء وخجل، لكن بعض الناس نساء ورجالاً لا يوجد عندهم التزام بالشرع أبداً، لا في المظهر العام ولا في التعامل مع الناس ولا في الحياء إلى غير ذلك.
وبعض الإخوة والأخوات يستجيرون، يقول أحدهم: عندما أسجد وأركع أقوم بعد الصلاة وفي ثوبي بقع بنِّية من الوساخة التي في الأرض، وبعض الأخوات تحضر (كشري) معها وبراد الشاي فهل هذا التزام؟! وأيضاً جاءتني شكوى مراراً أن المرأة تأتي إلى المسجد وهي تلبس لبساً ضيقاً وتقول: دعوة إلى الله! أقول: الدعوة إلى الله تحتاج إلى حكمة.
ومن الأشياء العجيبة أن فنانة تائبة تتحدث في الفضائية عن توبتها وصلاح نفسها ثم تفتي! فهل من حقها الإفتاء؟! جاءني بالأمس طبيب يستغيث، أن زوجته تحضر عندها مدرِّسة تقول: المدارس الحكومية مدارس طواغيت، خذي ابنك وأقعديه في البيت، وتحية العلم طواغيت، والمدرسون طواغيت، وأصبحت الدنيا كلها طواغيت، أليس هذا تكفيراً؟ فهذه المرأة لها علاقة بالمدارس وتدرس، فيا لها من مصيبة كبيرة! أن يوسد الأمر إلى غير أهله، وهل أي شخص يظهر على الفضائية يفتي؟ هؤلاء الذين هم في الإعلام تجار يروجون للسلعة بالمشاهير، هل هو ينتج لأجل الله أو لأجل العلم أو لأجل أن يعلم الناس؟
الجواب
لا، هو يريد الترويج لقناته، يقول: ترقبوا اللقاء الكبير مع الفنانة التائبة فلانة الساعة السابعة، والناس جميعاً منتظرون، لكن لو قال: ترقبوا اللقاء مع العالم الجليل فلان لن يقعد لسماعه أحد.
فهذه ظواهر مهمة في زمننا، من هذه الظواهر كثرة الزوايا في القرى والمدن، فلماذا لا تغلق الزوايا يوم الجمعة بأمر وزير الأوقاف؟ للشيخ عبد الرزاق عفيفي فتوى: أن الصلاة في المساجد غير الجامعة في حالة وجود مكان بالمسجد الجامع باطلة، وهناك أكثر من عشرة آلاف زاوية في مصر تحت عمارة، وبجوارها المسجد الجامع مفتوح، فلماذا لا نغلق الزوايا ونحدد لجنة، ويكون الخطباء على كفاءة، ولهم اختبارات علمية مدروسة؟ أم أنكم تريدون خطيباً يلبس (ترنك) وأقيموا الصلاة، استقيموا يرحمكم الله، وهو لا يعرف شيئاً، وليس مؤهلاً علمياً.
٨٠% من مساجد الجمهورية ليس لها خطباء، الأوقاف لا تغطي إلا ٢٠% فقط من المساجد بالخطباء، و ١٠% من هؤلاء الخطباء المعينين ليس له شأن في الدعوة، إنما يستلم مرتباً آخر كل شهر.
وعندما يترك الخطيب مكانه يصعد أي شخص ويخطب.
كنت أصلي مرة في (المقطم) فرأيت رجلاً يلبس بنطلوناً يصلي بالناس ويقرأ: تبت إيد أبو لهب وتب!! وهكذا وسد الأمر إلى غير أهله.
وهناك بعض من ينتسب إلى العلم يسيئون إلى العلم وأهله، يظهر في قناة فتقول المستضيفة: ونحن الآن في برنامجنا نستضيف الأستاذ الدكتور العالم الجليل فلان بن فلان، وهي كاشفة عن صدرها وتلبس بنطلوناً، فيقول لها: مرحباً يا ابنتي.
تقول: ما الذي أحضرك إلى هنا أيها العالم؟! متبرجة عاهرة تستضيفك بهذه الطريقة؟ ألا تعلم أن الناس سيقولون: لباسها حلال، ولو كان حراماً لما حضر هذا العالم، فالفضائيات لها بريق، فهو يريد أن يظهر على الشاشة بأي ثمن؛ لأنه سيقبض ستة آلاف دولار للحلقة الواحدة، فهذه ظواهر كلها ليس لها أصل ولن تدوم طويلاً.
قبل حوالي أربع سنوات ظهر فنان، وأظهر أغنية في السوق تقول: (لولاكِ) وكل الشعب كان يقول: (لولاكِ)، والآن لا أحد يحس به؛ لأنه ليس له قدم راسخة في العلم.
فنصيحة لإخواني وطلبة العلم والملتزمات أن نبدأ في طلب العلم كحال السلف، وأن نحفظ المتون وندرس على أيدي شيوخ، وأن ندرس الكتب من مراجعها، ولا تكن وظيفة الواحد منا التهييج والإثارة حتى ينفض الناس.
رحم الله الشيخ كشك، لقد أثر تأثيراً بالغاً لكنه لم يخرج أحداً من طلبة العلم ليؤدوا الرسالة بدلاً عنه، فالأصل أن نخرج طلبة علم؛ ليحملوا الرسالة، فإن كف هذا الصوت أصبحت هناك أصوات، فالتبليغ بإثارة الجماهير فقط تأثير مؤقت.
أيضاً بعض قراء القرآن إذا وصل إلى الآية التي تهيج المسجد يبقى عليها، فيقول: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} [النبأ:٢١] ولا يبرحها، فهذا الأمر ليس فيه الخشوع ولا التقوى ولا الورع إطلاقاً.
مسائل مهمة جداً يا إخواني! أنا لا أريد أحداً بذاته، وإنما أريد النصيحة لله، من ثبت نبت، فاثبتوا على طلب العلم الشرعي، وإياكم والظواهر الخادعة.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
آمين آمين آمين.
وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.