[ما يجزئ في الأضحية والهدي من بهيمة الأنعام]
قال الشارح: [ويستحب استحسانها واستسمانها، لقوله سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:٣٢] ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن، وهو الذي له ستة أشهر].
الضأن هو الخروف أو الغنم، ففي الأضحية لا يقل عن ستة أشهر.
قال المصنف: [وثني المعز ما له سنة وثني الإبل].
ومعنى ثني الإبل أي الذي كسر اثنين من أسنانه، أي أنه أتم الخامسة.
قال المصنف: [وثني الإبل ما كمل له خمس سنين ومن البقر ما له سنتان] هذه شروط.
إذاً لماذا سميت الأضحية بهذا الاسم؟ نسبة إلى أنها تُذبح في ضحى يوم العيد، فسميت أضحية.
والحديث الذي ساقه الشارح: [(يجوز الجذع من الضأن أضحية)، وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال: (كنا مع رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر منادياً فنادى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: الجذع يوفي بما توفي منه الثنية)].
قال الشارح: [إنما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحي؛ لأنه ينزو فيلقح، فإذا كان من المعز لم يلقح حتى يصير ثنياً وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يُعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) رواه ابن ماجة وعن جابر قال: كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له: والبقر؟ فقال: وهل هي إلا من البدن؟ وأحكام الهدي والأضاحي سواء].
قوله: وأحكام الهدي والأضاحي سواء، يحتاج إلى بيان؛ لأن هناك اختلافاً بين الهدي والأضاحي في بعض النقاط، أما الأضحية فلها وقت في يوم النحر أو أيام التشريق، أما الهدي فيذبح إذا كان الشخص حاجاً متمتعاً فيذبحه في يوم النحر، بعد رمي الجمرة، فتختلف الأضحية عن الهدي في التوقيت.
فهناك فروق بسيطة.
قال المصنف: [ولا تجزئ العوراء البين عورها].
أحد الإخوة يقول: عندي من البقر سنها أقل من السن الشرعي، لكنها تنتج لحماً أكثر، فهل المقصود اللحم أم لا بد أن تستوفي السن الشرعية؟ قلت له كلام جمهور العلماء: أن مواصفات الشرع مقصودة لذاتها، وليس المقصود هو وفرة اللحم، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما ضحى أبو بردة بن دينار قبل الصلاة في يوم العيد، ضحى بجذعة، أي أنه ضحى بشيء يطابق المواصفات من الضأن، لكنه ذبحها قبل الصلاة، فحينما سمع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد يقول: (من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم والذبح بعد الصلاة)، قام وقال: يا رسول الله، ذبحت قبل الصلاة لأوسّع على جيراني في يوم العيد من فقراء المسلمين، وليس عندي إلا جذعة من الماعز -فهي لم تبلغ سنة ولكن لها ستة أشهر، وهي من الماعز وليست من الضأن، فماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (تجزئ عنك ولا تجزئ عن أحد بعدك).
إذاً السن هنا مقصود لذاته، فلو أنه جوزها له وكان هناك عدم تقييد بالسن لقال اذبحها ولا حرج، إنما قال: (لا تجزئ عن أحد بعدك) حتى لا يختلط الأمر فالسن مقصود لذاته.
قال المصنف: [ولا تجزئ العوراء البيّن عورها] وجاء بقيد البيّن عورها؛ لأن هناك عوراء ليس بيناً عورها فهذه تجزئ ولا شيء على من يذبحها، والعوراء البيّن عورها هي التي لا يختلف عليها اثنان في وضوح عورها، فهذه لا تجزئ، وعلى هذا قاس العلماء العمياء، فإن كانت العوراء لا تجزئ فمن باب أولى العمياء.
قال المصنف: [ولا العجفاء التي لا تنقي] عجفاء: أي هزيلة ولا مخ لها، أي: أنها هزيلة ولا مخ لها.
قال المصنف: [ولا العرجاء البيّن ضلعها] البيّن عرجها أي أن عرجها ظاهر في أنها لا تواكب المسير مع أخواتها.
قال المصنف: [ولا المريضة البيّن مرضها] أي الواضح مرضها فلا تجزئ.
قال الشارح: [قال البراء بن عازب: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء، والمريضة، والعرجاء، والكسيرة).
ولا تجزئ العضباء التي ذهب أكثر قرنها أو أذنها لما روي عن علي رضي الله عنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب الأذن والقرن)].
أما إذا ولدت وليس لها قرون فتجزئ، ولو أنها ولدت ليس لها ذيل فتجزئ، والتي تجزئ في الأضاحي الواجب أن تكون سليمة من العيوب لأنك تقربها إلى الله عز وجل.
قال الشارح: [وتجزئ الجماء والبتراء] المقطوع جنبها [والخصي -المخصية- وما شقت أذنها أو خرقت أو قطع أقل من نصفها، والأبتر المقطوع الذنب -أي الذيل- لأن ذلك ليس بمقصود، والجماء التي لم يخلق لها قرن، فتجزئ لأن القرن غير مقصود، ويجزئ الخصي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين موجوءين، والموجوء الذي رضت خصيتاه أو قطعتا].
رضت خصيتاه: أي رفع الخصية إلى أعلى وربطها.
قال الشارح: [ولا فرق بينهما لأن المرضوض كالمقطوع؛ ولأن ذلك العضو غير مستطاب وذهابه يؤثر في سمنها، وكث