[صلاة التراويح]
قال رحمه الله: [وهو ثلاثة أنواع: أحدها: التراويح وهي عشرين ركعة بعد العشاء في رمضان]، وهذا اختيار المذهب وإنما الراجح أنها إحدى عشرة ركعة، لكن الخلاف سائغ؛ لأنه ثبت أن بعض الصحابة زاد عن إحدى عشرة ركعة، ولعلمائنا رسائل عديدة في هذا الموضوع، ولا نحجر واسعاً.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: إن أردت أن تزيد عدد الركعات فقلل من حجم القراءة، وإن أردت أن تزيد في القراءة فقلل من عدد الركعات، وهذا على حسب حال المأمومين، وهذا كله وارد، وهو من الخلاف السائغ.
قال رحمه الله: [لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان وأقامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، متفق عليه، وقام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثلاثاً ثم تركها خشية أن تفرض، فكان الناس يصلون لأنفسهم حتى خرج عمر وهم أوزاع -يعني: متفرقون- يصلون، فجمعهم على أبي بن كعب، قال السائب بن يزيد: لما جمع عمر الناس على أبي وكان يصلي بهم عشرين ركعة، والسنة فعلها جماعة، أخرجه البخاري].
ورواية العشرين ركعة التي سنها عمر فيها كلام في تخريجها، إنما أياً كان فإن الراجح: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح في جماعة في أول يوم في رمضان وثاني يوم وثالث يوم، وامتلأ المسجد بالمصلين، فخشي أن تفرض على الأمة فتركهم في اليوم الرابع، فظلوا جلوساً حتى أذن الفجر فخرج إليهم وقال: (لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم).
ولما كانت خلافة عمر رضي الله عنه وجدهم متفرقين يصلون فرادى، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم قال: نعمت البدعة هذه، ولا يوجد شيء اسمه بدعة حسنة، فإن عمر رضي الله عنه لم يأت بجديد، والعلة قد انتهت، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (خشيت أن تفرض عليكم).
فقد انقطع الوحي بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ عمر أمن من أن تفرض فعاد إلى أول عهدها، فقال: نعمت البدعة، قال ابن تيمية: البدعة في قول عمر هي البدعة بمعناها اللغوي وليست البدعة بمعناها الشرعي.
وأهل البدع يستدلون علينا بهذا الحديث على الابتداع في الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلالة)، وطالما أنها بدعة فهي ضلالة.
وعمر رضي الله عنه لم يأت بجديد، إنما أقام أمراً مشروعاً فعله النبي عليه الصلاة والسلام، فأراد البدعة بمعناها اللغوي، ولم يرد بمعناها الشرعي، فانتبه إلى هذا المعنى.
وسميت صلاة التراويح بهذا الاسم؛ لأنهم كانوا يستريحون بين كل ركعتين، فإنهم كانوا يطيلون فيها القيام، بخلاف الأئمة في زماننا الذي يخففون في القراءة تخفيفاً مفرطاً.
ومن البدع: قول بعض الناس بعد الانتهاء من صلاة التراويح: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، الصلاة عليك يا رسول الله، ثلاثة آلاف صلاة عليك يا رسول الله، مع أن هذه العبارة تتضمن صلاة واحدة، كمن قال بعد الصلاة: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، فإنها تحسب مرة واحدة؛ لأنه إذا تلفظ بالذكر مع العدد فإنها لا تعد إلا مرة واحدة.
ومن البدع أيضاً: قول بعض الناس قبل الوتر: أوتروا واستقبلوا شهر الصيام أثابكم الله، وعمل ورد لكل ركعتين من عند شيطانه، يملي عليه هذا، وإذا قلنا: بدعة، قالوا: هؤلاء أهل السنة يكرهون أهل البيت.
فنقول لهم: هل النبي صلى الله عليه وسلم فعلها أم لم يفعلها؟ فسيقولون: لم يفعلها لكن باب الذكر مفتوح، فنقول لهم: لا بد من الالتزام بالسنة.
ومن البدع أيضاً: قراءة سورة الإخلاص بصوت جماعي موحد ثلاث مرات بين كل أربع ركعات، حتى أن المسبوق بركعة أو أكثر لا يستطيع أن يتم صلاته، فهذه بدع محدثة ما أنزل الله بها من سلطان، وخير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام.
قال الإمام الشافعي: من استحسن فقد شرع.
أيها الإخوة الكرام! حينما تحدثنا عن التعدي في الدعاء لا يؤثر ذلك على صحة الصلاة، فهناك أخ فاضل عزيز يقول: أنت تدعو أحياناً لبعض البلاد باسمها، والآن تحذر من الدعاء، فبأي القولين: نأخذ بفعلك أم بقولك؟ فأقول: هذا الفهم لا ينبغي أن يكون فهم طالب علم، فالعراق مبتلاة فلا بد أن أدعو لها بالاسم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على قبيلتين وخصهما بالاسم، ولا تعدد البلاد إن زادت عن واحدة، ما دام وأنها مبتلاة، فأحياناً نخصص الدولة في زمن البلاء الفعلي لها، إنما لا ينبغي التعدد لأن بعض الأئمة يعدد بلداناً كثيرة، إنما إن كانت بلدة واحدة أو اثنتين فلا مانع كفلسطين والعراق.