للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يباح من الذهب أو الفضة للرجال والنساء]

ثم قال: [ويباح للنساء كل ما جرت عادتهن بلبسه من الذهب والفضة]، أي: أن بعض الآراء الفقهية ميّزت فقالت: إن كان الذهب الذي تتحلى به المرأة خارج عن مألوف بنات جنسها، ففيه الزكاة، وإلا فلا، كأن تضع المرأة في يدها نصف كيلو ذهب، فهذا خارج عن مألوف بنات جنسها، فنوجب عليها الزكاة، بينما أخرى لا تملك إلا مائة جرام من الذهب، فلا نوجب عليها الزكاة، لأنها لا تملك زيادة على بنات جنسها، وعليه فيباح للمرأة أن تلبس ما يباح لبنات جنسها من الذهب، وذلك قول الله: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:١٨]، أي: البنت عندما تنشأ في الحلية، فتخرق أذناها وتوضع بها الذهب، بعكس الصبية الصغار فلا يجوز أن نأتي لهم بالذهب.

قال: [ويباح للرجال من الفضة الخاتم]، أي: أن للرجل أن يلبس خاتماً من فضة، وهل هذا على سبيل الاستحباب أم الوجوب أم الإباحة؟ يقول الشيخ ابن عثيمين كلاماً بديعاً في ذلك: لو أنك في مجتمع لم يتعودوا على لبس الفضة فلا تلبسه؛ لأنه يعد في حقك لباس شهرة، لذا فبعض المباحات تترك حتى لا تكون شهرة بين الناس، والأمر المباح قد يُترك أحياناً، وهذا الكلام لا بد أن نقيم له اعتباراً؛ لأن البعض الآن قد يأتي بأمور مباحة ويوجبها على نفسه، فيشذ عن مجتمعه حتى يشار إليه بالبنان.

يقول الشيخ ابن عثيمين: لو أنه لبس خاتم الفضة في مجتمع من مجتمعات المسلمين لم يتعودوا على لبسه، ولو لبسه لأصبح شاذاً بين بني جنسه، لزمه عدم اللبس، ثم تحدث عن لبس الساعة -لأن بعض الإخوة يقول: البس الساعة في اليمين- فقال: ولبس الساعة في اليد اليمين ليست من الأمور المشروعة؛ لأنها من أمور العادات وليست من العبادات، أيضاً: أن غير المسلمين لا يميزوا بها، وإنما في مجتمع المسلمين أن لبس الساعة في اليسرى، فحينما تقابل رجلاً يلبس ساعة في اليسرى فلا تقل: هذا غير مسلم، كذلك: العمل يكون باليد اليمنى، فإذا كان الذي يلبس الساعة في اليد اليمنى فإنه سوف يؤذي الساعة، لكن قد يقول البعض: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن.

فنقول له: لكن جرت العادة على أمر ليس فيه تعبد، فلا تحجّر واسعاً.

ثم قال: [وحلية السيف والمنطقة ونحوها]، أي: قد يحلَّى السيف، كأن يكون رأسه من فضة، والمنطقة تكون حول الخاصر، قال: [فأما المعد للكراء -أي: للاستئجار- أو للادخار ففيه الزكاة، إذا بلغ نصاباً، لأنه معد للنماء فهو كالمضروب]، أي: أن الذهب والفضة المعد للإيجار أو للادخار فيه زكاة، أما المعد للاستعمال فليس فيه زكاة، وهذا كلام المذهب.

قال: [وأما المحرم: الذي يتخذه الرجل لنفسه من الطوق وخاتم الذهب ففيه الزكاة؛ لأنه فعل محرم فلم يخرج به عن أصله]، أي: أن الرجل إذا لبس ذهباً وزنه أكثر من ٨٥ جراماً، ففيه زكاة، رغم أن لبس الذهب محرم عليه، وهنا ننبه على أنه لا يجوز للمسلم أن يلبس الدبلة من الفضة فضلاً عن الذهب، لما فيه من التشبه باليهود والنصارى، لكن يقول لي بعض الرجال: يا شيخ! أنا لا أستطيع أن أخلعها، لأن الزوجة ستغضب من ذلك وتقول: لماذا تخلع حبي من قلبك؟! فتربط بين الحب والدبلة، فقل لها: أأستجيب لأمرك أم لأمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟! فلا أريد أن أرى رجلاً مسلماً يلبس دبلة من فضة أو ذهب، ولذلك يحرم بيع الذهب للرجال، وكم أحزن من بعض المحلات الإسلامية التي تبيع الذهب للرجال، وتدّعي أنها إسلامية وتبيع الذهب للرجال! فالله إذا حرّم شيئاً حرّم بيعه وشرائه وثمنه، فلا يجوز أن تبيع الذهب للرجال بحال من الأحوال، وإن جاءك رجل شاب يريد أن يخطب امرأة ويريد منك أن تصنع لها دبلة، وتسجل عليهما اسمهما، فقل له: الذهب حرام عليك، وليس عندي ذهب للرجال، وعليه فلا بد أن يكون عملك مشروعاً يا عبد الله، واتق الله فيما تدخله في جوفك، ولا تقل: كل الناس هكذا، فهذا أمر لا نقبله بحال من الأحوال.