ماذا تقول لشخص ملتحٍ يصلي وينهر والديه، وامرأة تعمل كل خير لكنها لا تبر بوالديها ولو بالكلمة، أستحلفك بالله أن توجه رسالة إلى الإخوة والأخوات في هذا الشأن؟
الجواب
في الحقيقة هذا انفصام في الشخصية، أبوك وأمك جنتك أو نارك ولا شك في هذا، فطريق الجنة هو البر، وطريق النار هو العقوق؛ ولذلك صلاتك والتزامك وسمتك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر لا قيمة له إن صاحبه العقوق، ولقد جاء الشكر واضحاً في قوله تعالى:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان:١٤]، فمن لم يشكر لوالديه لم يشكر لله عز وجل، وقد جاء في بعض الآثار:(يفعل العاق ما يفعل فلن يدخل الجنة) هذا للتهويل من أمر العقوق، كذلك يقول قائل:(ويفعل البار ما يفعل فلن يدخل النار) وهذا خطأ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(من صلى البردين دخل الجنة) فهذا القول المأثور على سبيل الزجر والوعيد، وليس على سبيل الحرفية في النص.
عموماً أيها الإخوة الكرام! رب العالمين قد نهانا عن التأفف:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء:٢٣]، نهى عن الأدنى فمن باب أولى نهى عن الأعلى، وهذا يسمى عند العلماء قياس الأولى، ولا يمكن أن يقول قائل: أنا لن أقول لأبي: أف، وإنما سأضربه؛ لأن الله نهاني عن قولي له: أف ولم ينهني عن الضرب.
أقول له: يا عبد الله! أدنى الأمور أن تقول لهما: أف، فالله عز وجل نهاك عنها، فلابد أن تنتهي، بل الأبوان المشركان أمر الله بمصاحبتهما بالمعروف، قال تعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان:١٥]، واستأذنت أسماء أن تبر أمها الكافرة فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم، والأم أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بصحبتها ثلاث مرات، لكن الواحد يتزوج ويقدم أمر زوجته على أمر أمه، وإن جاء بفاكهة يتلصص من أمه ويحرمها.
حتى رأينا العجب؛ أستاذ في الجامعة رباه أبوه أحسن تربية، حتى دخل الابن الجامعة، وكان أبوه فلاحاً وجاء مرة ليزوره، فقيل له: رجل بالخارج يقول: إنه أبوك، فنظر إليه فقال: هذا ليس بأبي! تبرأ من أبيه، فماذا نقول لهذا الابن؟! والله إنه ملعون؛ لأنه ينفي نسبه إلى أبيه؛ ولأنه يظن أن الجاه والعز في السمت الخارجي، ومن المؤسف أن هذه الشكاوى تأتي من بعض أمهات الملتزمين والملتزمات، تقول: ابني يصلي الفجر، يقوم الليل، لكنه عاق، فيا عبد الله! قبِّل يدها ليل صباح وقبل رأسها وكن باراً بها، وتلطف لها؛ لأنه بعد الموت ستندم على كل يوم مضى عليك دون أن تكون باراً بأبيك أو أمك.