الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد.
فلا زلنا مع كتاب الحج والعمرة، من كتاب العدة شرح العمدة للإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى، ومع باب الفدية.
قال رحمه الله:[وهي على ضربين] أي على نوعين: [أحدهما على التخيير] الضرب الأول من الفدية أن المكلف يخير بين فعل وفعل، ففي علم الأصول فرق بين التخيير بين فعل وفعل، وبين الانتقال من فعل إلى فعل، أي: إن عجز عن الفعل الأول ينتقل إلى الفعل الثاني، مثال ذلك: كفارة اليمين، تجد أن الكثير من الناس يقولون لمن أراد أن يكفّر عن يمينه: صم ثلاثة أيام، وهذا خطأ؛ لأن الصيام لا يصار إليه إلا إذا عجز عن الإطعام أو الكسوة أو تحرير رقبة، يقول الله تعالى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ}[المائدة:٨٩] وكلمة (فمن لم يجد) معناها: أنه لا يستطيع أن ينتقل إلى الصيام إلا إذا عجز عن الإطعام، لكنه مخير بين الإطعام والكسوة وتحرير رقبة، فإذا انتقل إلى الكسوة وهو قادر على الإطعام فكفارته صحيحة؛ لأنه مخيّر بين الثلاث.