قال المؤلف رحمه الله:[ولا ضمان على حجام ولا ختان أو طبيب إذا عرف منهم حذق الصنعة].
يعني: مهارة، مثال ذلك جئت بطبيب ماهر وقلت له: اختن ولدي، فختن الولد، فأصيب الولد بشيء ليس من تقصير الطبيب، فإنه لا يضمن.
مثال آخر: جئت بحلاق لختان ولدك، فأتى على الحشفة وما بعدها فقضى على مستقبله، فإنه يلزمه الضمان.
مثال آخر: جئت بختانة -يعني: مطهرة للإناث- لتختن ابنتي فقطعت البظر فيلزمها الضمان؛ لأنها أفسدت.
قال:[إذا فعل هؤلاء ما أمروا به لم يضمنوا، بشرطين أحدهما: أن يكونوا ذوي حذق -يعني: مهارة- وبصارة في صنعتهم].
فهل صنعة الحلاق الختانة؟ لذلك ضمن مباشرة؛ لأنه ليس من اختصاصه، فالطب صنعة والختان صنعة، فلابد أن نحترم التخصصات، والإسلام حظنا على ذلك فقال:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣].
قال:[والثاني: ألا تجني أيديهم فيتجاوزوا ما أمروا به؛ لأنهم إذا كانوا كذلك فقد فعلوا فعلاً مأذوناً فيه، فلم يضمنوا سرايته، كقطع الإمام يد السارق].
سارق سرق، فجيء بإمام ليقطع يده، ومعلوم أن اليد تقطع من المفصل، فإن قطع يده وشلت لا يضمن؛ لأنه يمارس العمل بالضوابط الشرعية فلم يلزمه الضمان، وجاء رغم إرادته وبدون تعد.
قال:[فلم يضمن سرايته كقطع الإمام يد السارق أو فعلاً مباحاً مأموراً به أشبه ما ذكرنا.
أما إذا لم يعرف منهم حذق الصنعة فلا يحل لهم مباشرة القطع، فإن قطعوا مع هذا كان فعلاً محرماً فيضمن سرايته كالقطع ابتداء، وإن كانوا حذاقاً إلا أن أيديهم جنت مثل: أن يتجاوز قطع الختان إلى الحشفة أو بعضها، أو يقطع في غير محل القطع، أو في وقت لا يصلح القطع فيه فإنه يضمن؛ لأن الإتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ؛ ولأن هذا فعل محرم فيضمن سرايته كالقطع ابتداء].