للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لقطة ما تكثر قيمته كالأثمان والمتاع والحيوان]

قال المؤلف رحمه الله: [الثالث: ما تكثر قيمته كالأثمان والمتاع والحيوان الذي لا يمتنع بنفسه من صغار السباع، فيجوز أخذه ويجب تعريفه حولاً].

المقصود بلقطة الأثمان: الذهب، يعني: وجدت ذهباً خالصاً يصل إلى ألف جرام، فقيمته سبعون ألف جنيه، فعليك تعريفها في أماكن وجود أصحابها وفي مجامع الناس وأمام المساجد والأماكن العامة وفي الجرائد الحكومية وهكذا، والحيوان الذي لا يمتنع بنفسه -كالشاة مثلاً- من صغار السباع يعرف حولاً.

قال: [في مجامع الناس كالأسواق وأبواب المساجد، فمتى جاء طالبه فوصفه دفع إليه بغير بينة].

يعني: جاء صاحب اللقطة وعرفها ووصفها بصفاتها، فعند ذلك يدفع له دون قيد ولا شرط.

قال: [لما روى زيد بن خالد الجهني قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق -الفضة-، فقال: اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فادفعها إليه) الحديث متفق عليه].

والمعنى: لابد من تعريفها سنة فإن لم تجد صاحبها تستنفقها: تنتفع بها، فإن ظهر صاحبها بعد ذلك عليك المثل إن تلفت أو استخدمت، لكن هناك حالات استثنائية، منها: إذا وجدت لقطة لها قيمة في صحراء سيناء، فإن هذا المكان لا يمر فيه أحد إلا أنها وقعت من عابر سبيل، فيغلب على الظن أن هذا المكان لن يعود إليه أحد؛ لذلك قال بعض العلماء وهو الراجح: أن تعريف اللقطة حولاً لعلة وجود صاحبها، فإن تيقنت من عدم وجود صاحبها انتفع بها ولا حرج، وإن كنت غنياً أنفقها بنية الأجر لصاحبها.

قال: [وإن لم يعرف فهو كسائر ماله لا يتصرف فيه حتى يعرف وعاءه ووكاءه وصفته، فمتى جاء طالبه فوصفه دفعه إليه أو مثله إن كان قد هلك؛ لحديث زيد].

يعني: إن مضت المدة وجاء صاحبها بعد مدة وعرف وعاءها ووكاءها وصفتها فمتى جاء ووصفها دفعها له، فإن هلك عنده لزمه الضمان، والفرق بين وجودها في السنة ووجودها بعد السنة: أنه في السنة يلزمه عين اللقطة؛ لأنه ليس حراً في استغلالها خلال سنة، وبعد السنة له استغلالها؛ لذلك الشرع أعطاه أن يرد المثل؛ لأنه بعد العام يسقط حق العين، لكن لا يسقط حق المثل.

قال: [وإن كان حيواناً يحتاج إلى مؤنة أو يخشى تلفه فله أكله قبل التعريف].

مثال ذلك: وجد حمامة توشك أن تموت ويأكلها إلى أن يظهر صاحبها.

إذاً: إن وجد حيواناً يحتاج إلى مؤنة، أو يخشى تلفه فله أكله قبل التعريف أو بيعه ثم يعرفه، فإن ظهر صاحبه فله المثل؛ لأن في حديث زيد: (وسأله عن الشاة، فقال: خذها.

فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)، وإن سرقت منه اللقطة فليس عليه الضمان؛ لأنه لم يتعد.

قال: [وإن هلكت اللقطة في حول التعريف من غير تعد].

يعني: وجدت شاة لقطة، ثم قمت برعايتها في الصباح وبعد أن قدمت لها العلف والماء ماتت بدون تعدٍ، إذاً: لا شيء عليك؛ لأنك لا تضمن قيمة اللقطة طالما لم تتعد.

ولذلك قال: [وإن هلكت اللقطة في حول التعريف من غير تعد فلا ضمان فيها؛ لأنها عنده أمانة فهي كالمودع].