وإذا كانت السلعة سعرها نقداً بعشرة، وسعرها بالتقسيط بخمسة عشر، فلا يعد هذا من باب بيعتين في بيعة، وهذا إخبار فقط، وإنما معنى البيعتين في البيعة عند العلماء ألا يحدد البائع ولا المشتري بيعاً واحداً في عقد البيع، كأن يبيع نقداً بعشرة جنيهات وبخمسة عشر تقسيطاً، ولم يتفق مع المشتري على أي نوع منهما.
هذا هو الراجح من أقوال العلماء في معنى البيعتين في بيعة.
قال المصنف رحمه الله:[وهو أن يقول: بعتك هذا بعشرة صحاح أو عشرين مكسرة، أو بعشرة نقداً أو عشرين نسيئة].
ولم يستقر المشتري على بيع، وإنما انصرفت الإرادة إلى النقدي والنسيئة.
قال المصنف رحمه الله: [فهذا لا يصح؛ لأن:(النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة) حديث صحيح].
وفي رواية أخرى عن أحمد أنه يجوز، ولكن الراجح أنه لا يجوز.
والنسيئة أي: القسط، ومنه ربا النسيئة، وقال تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}[التوبة:٣٧] فالنسيء هو التأخير، فقد كانوا في الجاهلية يقدمون شهراً ويؤخرون شهراً على حسب أهوائهم، فالنسيء هو التأخير، وأما بيع النسيئة فهو بيع الأجل، أي: البيع بالتقسيط، ولذلك يسمى ربا النسيئة.
والبيع بالتقسيط جائز عند جمهور العلماء، وقد اختلف فيه العلماء بين الحل والحرمة، وكتب بعض العلماء رسالة خاصة في جواز البيع بالتقسيط، وبعضهم ردوا على الشيخ الألباني في هذه المسألة، ولا يجوز لنا أن نقلل من شأنه؛ لأنه مجتهد، فإن اجتهد فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، وقد كان الشيخ يقول: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، والتشهير بالعلماء لا يجوز.