ثم قال:[ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال والعارية]، والحلي: هو الذهب أو الفضة الذي أُعد لزينة المرأة، ففي المذهب أنه لا زكاة فيه، وهو رأي مالك والشافعي رحمهما الله تعالى، وخالف في ذلك الأحناف وهو الراجح، فقالوا: بزكاة الحلي إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، والشيخ محمد بن صالح في كتاب:(الشرح الممتع) قد أعد بحثاً ممتعاً في أكثر من عشر ورقات رجح فيه وجوب زكاة الحلي، وساق الأدلة على ذلك، رغم أنه حنبلي المذهب في الدراسة؛ لكن النصوص واضحة، فحينما دخلت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي تلبس في يديها سبيكة من ذهب سألها:(أتؤدين زكاة هذه؟ فقالت: لا، فقال: أيسرك أن يسورك الله سوارين من نار يوم القيامة؟)، ولم يسألها: هل تلبسيه للزينة أم لا؟ فالنص كان عاماً، والحديث المطلق كما عند البخاري:(ما من صاحب ذهب ولا فضة)، ولم يبين أنه حلي أو غير حلي، وعليه فالراجح من أقوال العلماء أن الحلي فيه زكاة، وانتصر لهذا الرأي ابن باز رحمه الله تعالى، وكثير جداً من علمائنا المعاصرين انتصروا لهذا الرأي.
قوله:(والعارية)، أي: الذهب المستعار التي تعيره المرأة، ثم قال: [في ظاهر المذهب؛ لما روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ليس في الحلي زكاة) -وهو حديث ضعيف- ولأنه مصروف عن جهة النماء]، أي: أنه لا نماء فيه، فهو لم يلبس للنماء، وإنما:[إلى استعمال مباح تجب فيه زكاة كثياب البدن، وحكى ابن أبي موسى عنه أن فيه الزكاة لعموم الأخبار]، وأقول: إن الذهب المستخدم كالثياب الذي أستخدمه، وقال من لم يوجب الزكاة في الحلي، وهم الجمهور: لو أن رجلاً اقتنى سيارة بمليون جنيه لاستعماله الشخصي، فهل عليه زكاة؟ لا، إذاً فكيف توجبون الزكاة على امرأة تلبس ذهباً قيمته بعض آلاف، وتعفون من الزكاة من اقتنى سيارة قيمتها المليون؟! فنقول لهم: إن النص قد جاء في الذهب دون غيره.