[حالتا سجود السهو بعد السلام]
أما الحالتان التي يسجد لهما بعد التسليمتين: فحالة الزيادة وحالة النقص، إن زاد في عدد الركعات أو قلل، وعمدتنا في ذلك حديث ذي اليدين في البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه إحدى صلاتي العشي)، في الكتاب (العشاء) وهذا غلط، وصلاتي العشي هما: الظهر والعصر، وصلاة الغداة هي صلاة الفجر.
وصلاة العشي كل منهما أربع ركعات؛ لكن النبي عليه الصلاة والسلام صلاها ركعتين، فلما صلى سكت الصحابة وظنوا أن الصلاة قصرت، ونزل حكماً، فتأخر النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر المسجد وشبك بين أصابعه، وفي القوم رجل يسمى ذا اليدين، يعني: أن إحدى يديه أطول من الثانية، وهذه ليست غيبة؛ لأنها تعريف: القدح ليس بغيبة في ستة متظلم ومعرف ومحذر ولمظهر فسق ومستفت ومن طلب الإعانة في إزالة منكر أي: أن هذا للتعريف، وأبو هريرة هذا تعريف، وبشر الحافي تعريف، والأكوع تعريف، والأعرج تعريف، وطالما أنه يعرف بهذا فلا بأس أن تذكره بذلك؛ لأن هذا من قبيل التعريف، لكن لو أن رجلاً اسمه (محمد) وليس له لقب وأنت تعرفه بلقب، فهذا تنابز بالألقاب، أما إن كان مشتهراً بين الناس بهذا الاسم فهذه ليست غيبة.
قال ذو اليدين: (يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: لم؟ قال: صليت بنا ركعتين، قال: أحقاً ما قال ذو اليدين؟ قال الصحابة: نعم يا رسول الله! وفي القوم أبو بكر وعمر فقام النبي صلى الله عليه وسلم وكبر وصلى ركعتين ثم سجد للسهو بعد التسليمتين).
ومن هنا استدل العلماء على أنه في حال النقص يسجد للسهو بعد التسليمتين.
وفي حديث ابن مسعود قال لأصحابه: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإن نسيت فذكروني)، وهو ينسى للتشريع.
قال المؤلف: (زيادة فعل من جنس الصلاة كركعة أو ركن) كرجل زاد في الصلاة ركعة، فإن زادها متعمداً فصلاته باطلة بلا خلاف، أو زاد فيها ركناً من أركانها الاثني عشر، ومعنى ذلك: أنه لا يجوز أن تقرأ الفاتحة مرتين، والبعض ينتهي من الفاتحة قبل الإمام فيعيدها الإمام مرة ثانية، لا.
أنت الآن تحصل الركن أكثر من مرة.
رجل ركع في الصلاة ركوعين، فإن كرر الركن فلا يجوز، وإن تعمد أن يزيد ركناً فصلاته باطلة.
ولو زاد ركناً بسهو، يعني: سجد ثلاث سجدات، أو ركع ركوعين، أو صلى خمساً، فهذه زيادة فعل من جنس الصلاة تبطل الصلاة بعمده ويسجد لسهوه، وإن ذكر وهو في الركعة الزائدة جلس في الحال، والأركان لا بد من تحصيلها، لا تجبر بسجوده.
وهذا يشبه حال بعض الأئمة عندما يقوم لخامسة، فيذكره من خلفه من الرجال بالتسبيح، والنساء يصفقن ببطون كفهن على ظهر الأخرى.
وفي حديث أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ بلال: (إن تأخرت فأقم الصلاة، وائذن لـ أبي بكر) وذهب إلى صلح في قباء بين بني عوف.
وهذا المعتبر أن الإمام الراتب عندما يتأخر يستخلف خليفة، ونحن الآن في مساجدنا نرى الإمام الراتب يغيب، وراتب الراتب يغيب، وهذا أمر نعاني منه في كثير من المساجد، والمؤذن يقدم على هواه، ويتقاتلون على الأذان والإمامة؛ لأن الراتب لا يعين خليفة.
فلما حضرت الصلاة أقام بلال وصلى أبو بكر بالناس، وبينما هو في الركعة الأولى جاء النبي عليه الصلاة والسلام، فصفق الصحابة لـ أبي بكر، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم وأشار إلى أبي بكر أن اثبت وأكمل، فتراجع الصديق رغم هذه الإشارة ووقف في الصف الأول بعد تكبيرة الإحرام، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس إماماً، وبعد الصلاة قال له: (يا أبا بكر ما لك تراجعت إذ أمرتك -أن تكمل- قال: يا رسول الله! ما كان لـ ابن أبي قحافة أن يصلي إماماً برسول الله)، وهذا من أدب أبي بكر.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حزبه أمر في الصلاة إنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء).
وقد بوب أبو داود باب التصفيق للنساء، إذا حزبها في الصلاة أمر تصفق.
قال: (يسجد للسهو)، إن قام الإمام لخامسة وسبحنا فينبغي له أن يجلس، والإمام مسألته تختلف عن المنفرد؛ لأن له من يذكره، وعلى الإمام أن يذعن لرأي المجموعة ويجلس ويسجد للسهو.
(وإن ذكر في الركعة الزائدة جلس في الحال، وإن سلم عن نقص في صلاته أتى بما بقي عليه منها ثم سجد)، والدليل هنا حديث ذي اليدين الذي ذكرت.