أي: من مات وترك ميراثاً فلا نورث الورثة إلا بعد سداد الديون، ثم يخرج من مال التركة مبلغ الحج ليحج عنه أحد الورثة بشرط أن يكون قد حج عن نفسه، لحديث:(يا رسول الله! إن أمي نذرت أن تحج وماتت قبل أن تفعل، قال: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت تقضيه؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أولى بالقضاء)، أي: دين الله أحق بالقضاء، فمن فرط أو أهمل أو تقاعس أو تكاسل عن الحج مع قدرته عليه حتى مات، يخرج من تركته ما يكفي لحجه شريطة أن يحج عنه أحد الورثة.
وإذا رفض الزوج أن تحج امرأته الحجة الأولى، فلا طاعة للزوج أبداً؛ لأن الحج فريضة، فلا تطعه في معصية الخالق.
قال: [وإذا ثبت هذا فمتى لم يحج حتى توفي وجب أن يخرج من ماله ما يحج به عنه ويعتمر؛ لما روى ابن عباس:(أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها مات ولم يحج؟ قال: حجي عن أبيك)؛ ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين].
النيابة تكون عند المشقة في الوصول إلى الحج.
ومن توفي وعليه دين فإن صاحب الدين يلزم الورثة على القضاء، فكذلك الحج دين على المورث لابد أن يفي به الورثة لاستطاعته الحج ولم يفعل.
قال: [والعمرة كالحج في القضاء فإنها واجبة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا رزين فقال:(حج عن أبيك واعتمر)، ويكون ما يحج به ويعتمر من جميع ماله؛ لأنه دين مستقر عليه، فيكون من رأس ماله كدين الآدمي].
والعمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، وشبك النبي صلى الله عليه وسلم بين أصابعه، وقال:(دخلت العمرة في الحج)، يعني: إذا أردت أن تذهب إلى الحج فإنك ستؤدي معه العمرة إن حججت متمتعاً أو قارناً.