للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم أداء أكثر من جمعة في مصر واحد]

قال المصنف رحمه الله: [ولا يجوز أن يصلى في المصر أكثر من جمعة].

المصر: هو البلد الواحد، ولا بد أن ننبه إلى أن إطالة الجمعة في الخطبة إلى العصر مخالف للسنة، والمواظبة على درس بعد الجمعة مخالف للسنة؛ لأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان لا يواظب على موعظة بعد الجمعة.

قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة:١٠] فمرة نعظ ومرة نترك ولا نواظب على الدوام، بل نحن نقيم السنة، والكلام عن أشخاص بأعينهم ليس من هديه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يجر علينا مفسدة أكبر من المصلحة، فنحن لا نريد بذلك إلا وجه الله عز وجل.

قال: [ولا يجوز أن يصلى في المصر أكثر من جمعة].

يعني: طالما هي رقعة واحدة فإننا لا نقيم فيها أكثر من جمعة.

قال: [لأن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لم يقيموا إلا جمعة واحدة].

أي: أن الجمعة كانت تنعقد في المدينة في المسجد النبوي، فأهل قباء يأتون وبنو سلمة يأتون وأهل العوالي يأتون، فكل أهل يجتمعون في مسجد واحد، فكان المسجد يسمى جامعاً؛ لأنه يجمع المسلمين جميعاً، أما الآن لو حصرنا حياً مثل حي الزيتون فإننا سنجد فيه أربعة آلاف مسجد؛ وخمسة آلاف زاوية، وأربعة آلاف مصلى، وكل شخص يعمل له جمعة بنفرين أو ثلاثة، مسجد متران في متر وفيه جمعة، زاوية أربعة في أربعة وفيها جمعة وهكذا، فمن الذي قال لك: إن هذه الجمعة تجوز أصلاً يا عبد الله؟! انظر إلى قول العلماء.

قال: [إلا أن تدعو الحاجة إلى أكثر منها فيجوز].

يعني: إذا ضاق المسجد الجامع برواده عند ذلك لنا أن نفتح مسجداً آخر بإذن ولي الأمر، فلا بد من تنظيم وجمع للكلمة، فإن تفتت الكلمة ترتب عليه الكثير من المفاسد.

إن مسئولية الدعوة والدين مسئولية كبيرة، وهل هناك ما هو أغلى من الدين؟ وهل هناك ما يحتاج إلى ترتيب وضبط سوى الدين؟ فحصر المساجد وإعطاء الأماكن الكبيرة الأولوية في الجمعة هو الأولى، فإن ضاق المسجد عن رواده أٌمِرَ بفتح مسجد آخر.

قال: [ولا يجوز أن يصلى في المصر أكثر من جمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لم يقيموا إلا جمعة واحدة، إلا أن تدعو الحاجة إلى أكثر منها فيجوز؛ لأنها تفعل في الأمصار العظيمة في جوامع من غير نكير، فكان إجماعاً؛ ولأنها صلاة عيد فجاز فعلها في موضعين مع الحاجة كغيرها].

والمعنى: أن الجمعة ما سميت جمعة إلا أنها تجمع المسلمين في مكان واحد، فنحن فرقنا كلمة الناس وفتتنا هذا الجمع بانتشار هذه الأماكن التي لا ينبغي أن تقام فيها الجمعة.