للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يمنع منه الحيض]

ننتقل إلى باب الحيض: الحيض عند الحنابلة يمنع عشرة أشياء: ١ - فعل الصلاة.

٢ - وجوب الصلاة ومعنى هذا: أن الصلاة ترفع عن الحائض، ويرفع عنها القضاء.

٣ - فعل الصيام، أما وجوب الصيام فلا يرفع؛ لأنها مأمورة بقضاء الصيام بعد انتهاء الحيض، فوجوب الصيام لم يرفع، والدليل في صحيح البخاري في كتاب الحيض، يقول البخاري: باب تقضي الحائض الصيام؛ لأن البخاري فقيه ومحدث، وفقهه يظهر من الترجمة، يقول: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم في فطر أو أضحى، يعني: في عيد فطر أو عيد أضحى، والشك من الراوي، فبعد أن وعظ الرجال -أي: خطب الرجال- ذهب إلى النساء! وقال: يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الصدقة فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: يا رسول الله! ما بالنا أكثر أهل النار؟ قال: تكفرن -فقلن: نكفر بالله؟ - قال: لا.

بل تكفرن العشير، وتكثرن اللعن، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان عقلها ودينها يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل؟ - قلن: بلى- قال: أليس إذا حاضت لا تصوم ولا تصلي؟).

فهذا معناه أن الصلاة والصيام ترفع عن الحائض في حال حيضها.

لذلك قال هنا: ويمنع الحيض عشرة أشياء: ١ - فعل الصلاة.

٢ - وجوبها.

٣ - فعل الصيام.

٤ - والطواف.

٥ - وقراءة القرآن.

٦ - ومس المصحف.

٧ - واللبث في المسجد.

٨ - والوطء في الفرج -جماع-.

٩ - وسنة الطلاق.

١٠ - والاعتداد بالأشهر.

ونأتي الآن إلى تفصيل العشرة وقد بينا الصلاة والصيام، وأما قوله: الطواف بالبيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أحل فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير)، ويمكن أن يقول قائل: إن هذا الحديث غير واضح في الدلالة، خذ الواضح: في البخاري في كتاب الحيض في الطواف: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة عائشة في ذي الحليفة في حجة الوداع فوجدها تبكي، فقال: ما يبكيك يا عائشة أنفست؟)، انظروا إخواني إلى حرص عائشة رضي الله عنها على الطاعة، فهي تبكي حزناً على فوات الطاعة.

فقالت رضي الله عنها: يرجع صويحباتي بحج وعمرة وأنا أرجع بحج -لأن الحيض سيمنعها من أداء حجة متمتعة- فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم منها ذلك قال لها: (افعلي كما يفعل الحاج إلا أن لا تطوفي بالبيت)، فلا يجوز للحائض أن تطوف، ولذلك بعد أنهت مناسك الحج ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أخاها عبد الرحمن أن يردفها خلفه إلى التنعيم لتحرم بالعمرة بعد أن طهرت، والتنعيم عمرة التنعيم للأعذار للحيض ونحن جعلناها الآن كلما سافر أحد منا ذهب إلى التنعيم، والسؤال كما قال شيخ الإسلام، عبد الرحمن صحابي أم لا؟ الصحابة يحرصون على الطاعة أم يضيعون الطاعات؟ لم لم يحرم مع أخته؛ لأنه ليس من أهل الأعذار؛ ولأنه ليس له عمرة لأن هذا الميقات ليس هو الخاص به، ونحن إذا سافرنا نقول: عملت عشر عمرات، رايح جاي الله أكبر! يا عبد الله! العمرة بسفرة من ميقاتك أنت، فلبي في الميقات عمرة عن أبي عمرة، عن أمي عمرة واحدة، أما أن تذهب إلى مكة تعتمر لنفسك ثم تخرج إلى التنعيم ويعتمر لأبيك ثم لأمك ثم لجدك ثم لخالتك، عمرات متتابعة، يقول شيخ الإسلام في الفتاوى: وهذا ليس عليه عمل السلف وما أثر عنهم أنهم كانوا يقومون بهذا.

ثم قال: قراءة القرآن: وهذا قول مرجوح، فقد فرق شيخ الإسلام بين الجنب والحائض في قراءة القرآن، وما ورد من نصوص في عدم جواز قراءة القرآن للحائض ضعيف، ولذلك قال: وقراءة القرآن، في الشرح، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، رواه أبو داود وهو منكر، يعني: أنهم استدلوا بحديث منكر، ولذلك فهذا المذهب مرجوح، بل يجوز للحائض أن تقرأ دون أن تمس المصحف؛ لأن الحيض ليس بيدها، أما الجنب فبيده أن يرفع الجنابة، أما الحائض فربما يمتد مدة الحيض إلى خمسة عشر يوماً، فهل يجوز لنا أن نحرم المرأة من قراءة القرآن طوال هذه المدة؟ فيجوز لها أن تقرأ القرآن من ذاكرتها، أو تقرأ من كتاب غير المصحف.

وهذا من اختيارات شيخ الإسلام رحمه الله تعالى التي خالف فيها المذاهب: أنه يجوز للحائض أن تقرأ القرآن وهذا هو الراجح.

ثم قال: ومس المصحف، ومس المصحف لا يجوز للحائض؛ لقوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:٧٩]، وهذا الاستدلال في غير محله، مع أن مس المصحف لا يجوز، لكن هذا الدليل لا يصلح؛ لأن معنى لا يمسه إلا المطهرون المقصود بهم: الملائكة، إنما مس المصحف هناك أحاديث ضعيفة في النهي عن مس المصحف لكنها تتظافر وترتقي إلى مرتبة الحسن، وعند كثير من العلماء: أن مس المصحف للح