للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السهو بزيادة فعل ليس من جنس الصلاة]

قال المؤلف: (ولو فعل ما ليس من جنس الصلاة لاستوى عمده وسهوه، فإن كان كثيراً أبطلها، وإن كان كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حمله أمامة وفتحه الباب لـ عائشة فلا بأس).

ومعنى أن المصلي فعل شيئاً ليس من جنس الصلاة: أنه قد يخرج منديلاً وينشف العرق، أو يتنخم إلى غير ذلك، فهذا ليس من جنسها، يستوي فيه العمد والسهو.

قال المصنف هنا: (إن كان ليس من جنسها فيعفى عن يسيره) ولكن قد تبطل الصلاة إن كثر، لأنه ليس من جنس الصلاة، والنبي عليه الصلاة والسلام أتى بأفعال ليست من جنس الصلاة، مثل حمل أمامة بنت بنته ووضعها وهو في الصلاة، والحمل والوضع ليس من جنس الصلاة، حتى أنه صلى على المنبر للصحابة صلاة صحيحة ونزل من على المنبر، ثم تراجع وسجد في أصل المنبر، ثم قام وارتقى المنبر، ثم رجع وسجد، وهذا الرجوع فيه حركة ولكنها ليست كثيرة.

فيقول المصنف هنا: (كالمشي والحك والتروح) إن كان كثيراً يبطل الصلاة؛ لأنه من غير جنسها (ولا يشرع له سجود، وإن قل لم يبطلها، لما روى أبا قتادة (أن النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت أبي العاص بنت بنته إذا قام حملها وإذا سجد وضعها) متفق عليه).

وروي أنه فتح الباب لـ عائشة رضي الله عنها في الصلاة، والقليل مما شابه فعل النبي عليه الصلاة والسلام في فتحه الباب وحمله أمامة، والكثير إذا عد في العرف كثيراً فيبطل، إلا أن يفعله متفرقاً بدليل حمل النبي صلى الله عليه وسلم لـ أمامة في صلاته، حيث فعله متفرقاً لم يبطل وإن كان كثيراً.

ومعنى هذا: أن الفعل إن كان ليس من جنس الصلاة فيعفى عن يسيره، وإن كان كثيراً متفرقاً فيعفى عنه أيضاً، لكن من يصلي وأتى بحركة ليست من جنس الصلاة وهي طويلة كالخروج إلى الشارع، فهذا خرج من الصلاة.

أو أغلق الهاتف وهو يصلي، فصلاته صحيحة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فتح الباب لـ عائشة وهو يصلي، وحمل أمامة بنت بنته وهو يصلي، وعندما يركع فإنه يضعها، وحينما يرفع من السجود يأخذها، وهذه كلها حركات ليست من جنس الصلاة.

لكن لو أن الباب طرق وأنت وهو في غير اتجاه القبلة فلو فتحت ستنحرف عن القبلة وهذا لا يجوز.

فالحركة لصالح الصلاة تجوز إن كانت يسيرة أو كثيرة متفرقة بين الركعات، وابن حجر في الفتح ذكر هذا، لما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر بين أصحابه ليصلي لهم ويعلمهم الصلاة، فكبر تكبيرة الإحرام وهو على المنبر، وقرأ الفاتحة، ثم ركع، فإذا أراد أن يسجد تراجع ونزل من على المنبر، ثم نزل وسجد عند أصل المنبر عند الدرجة الأولى ثم سجد ثم اعتدل وقام وعاد على المنبر، قال ابن حجر في الفتح معلقاً: وفي الحديث جواز الفعل الكثير إن تفرق لصالح الصلاة.

وحد الكثير والقليل العرف، ما يعتبروه الناس كثيراً وما يعتبره الناس قليلاً، وقد ذكر المصنف هنا أن القليل هو فعل النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح الباب لـ عائشة وحمل أمامة، أما من يصلي وأخرج ألف جنيه بعدها ثم غلط في العد ماذا أقول في شأنه؟ وآخر ينظر في الساعة، ثم فتح الساعة وحرك العقارب، أو أخرج التلفون يتصل في الصلاة، أو يقلب الرسائل، فهل هذا مصل؟ أما من نسي إغلاقه ودق ثم أخرجه وأقفله فلا.

كذلك لو صلى، والغترة مالت على وجهه وعدلها فصحيح، أما من يهندم نفسه في الصلاة.

فلا يصح، أو امرأة تصلي والطبيخ على النار، وتذهب للمطبخ فهذا ينهي الصلاة، أما لو كانت بجواره وأغلقته ثم صلت في اتجاه القبلة فلا بأس.

وأيضاً يجب أن يخشع المرء في صلاته، فبعض الناس يريد أن يتابع المباراة في الصلاة، فيأتي بالتلفزيون أمامه، ويقول: من أجل أن يخشع في الصلاة، هذا لا يجوز.