للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحكام خيار الشرط]

قال المؤلف رحمه الله: [إلا أن يشترط الخيار لهما أو لأحدهما مدة معلومة؛ فيكونان على شرطهما وإن طالت المدة إلا أن يقطعاه].

من أنواع الخيار: خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار العيب -الغبن- وخيار التدليس، وخيار في بيع بتخيير الثمن، وخيار لاختلاف المتبايعين.

قال: [إلا أن يشترط الخيار لهما أو لأحدهما مدة معلومة؛ فيكونان على شرطهما وإن طالت المدة، إلا أن يقطعاه؛ لأنه حق].

ما معنى: إلا أن يقطعاه؟ اشتريت منك سلعة بالخيار لمدة شهر، وفي يوم عشرين جئت وقلت لك: أنا لا أريد السلعة، فما زالت في مدة الخيار، ولي الحق في قطع هذا البيع، كذلك قبل أن ينقضي الشهر قلت لك: أعطني شهراً آخر، هل يجوز ذلك أم لا؟ يجوز ذلك مادام في مدة الخيار عند جمهور العلماء.

أما لو جئت بعد مضي الشهر بيوم وقلت لك: لا أريد السلعة فهذا لا يجوز؛ لأن مدة الخيار نفذت وانتهت، والمؤمنون عند شروطهم، هذا هو معناه؛ لذلك قال: [إلا أن يقطعاه]، ومدة الخيار لا بد أن تكون مدة معلومة، مثال ذلك: بعتك مسجلاً وقلت لك: لي بالخيار إلى أن يعود ابني من السعودية، متى سيعود؟ ربما يعود هذا العام، أو العام القادم، وربما بعد عشر سنوات، فهذه مدة غير معلومة، فالخيار فيها لا يتم؛ لأنه لا بد أن تكون المدة معلومة؛ ولذلك اختلف العلماء.

مثال آخر: بعتك هذه السلعة إلى حصاد زرعي.

قال بعض العلماء: المدة معلومة، وقال بعضهم: مجهولة؛ لأن حصاد الزرع إما أن يتم في زمن معين لا يؤخر عنه، وإما أن تأتيه ريح فتعصف به فلا يكون معلوماً.

قال المؤلف رحمه الله: [لأنه حق يعتمد الشرط؛ فجاز ذلك فيه كالأجل، ولا يجوز مجهولاً؛ لأنها مدة ملحقة بالعقد، فلم يصح مجهولاً كالتأجيل، وهل يفسد به العقد؟].

يعني: باع بالخيار لمدة مجهولة، هل يفسد العقد أو لا يفسد؟ قال: [على روايتين: إحداهما: لا يفسد؛ لحديث بريدة.

والثانية: يفسد؛ لأنه عقد قارنه شرط فأفسده أشبه نكاح الشغار، وعنه يصح مجهولاً؛ لقوله عليه السلام: (المؤمنون على شروطهم)، رواه الترمذي وقال: حديث صحيح، فعلى هذا إذا كان الخيار مطلقاً مثل أن يقول: لك الخيار متى شئت، أو إلى الأبد؛ فهما على خيارهما أبداً أو يقطعاه، وإن قال: إلى أن يقوم زيد، أو ينزل المطر؛ ثبت الخيار إلى زمن اشتراطه، أو يقطعاه قبله]، والراجح: عند عدم تحديد المدة في الخيار البيع صحيح، لكن لا بد من تحديد المدة وعليه إثم عدم التحديد.

مثال ذلك: تقول: بعتك هذه السلعة ولك الخيار إلى أن ينزل المطر، متى ينزل المطر؟ الله أعلم، فإن قبل البائع هذا الشرط وقبل المشتري؛ فالمؤمنون عند شروطهم، فهذا شرط لكنه مجهول، وهذا محرم لأنه مجهول، والبيع بالخيار مشروع، لكن لابد أن يحدد أجلاً، فالقول الراجح: أن البيع صحيح لا شك في ذلك، لكن عليه إثم عدم تحديد المدة.