[الاستمناء والتقبيل واللمس والإمذاء والجماع]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن استمنى بيده فأنزل أفطر]، يعني: نكح يده فأمنى بطل الصوم؛ [لأنه أنزل عن مباشرة أشبه القبلة].
وعليه توبة واستغفار وندم وإقلاع وعدم العودة إلى هذه المعصية لارتكابه حرمة مغلظة كبيرة في نهار رمضان، وعليه أن يمسك بقية اليوم لحرمة رمضان، ويقضي يوماً بدلاً عن هذا اليوم.
قال: [ولو قبل أو لمس أو أمذى فسد صومه لذلك، أما إذا أمنى] المني معروف ينزل من الرجل لإثارة الجنس، قال تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق:٦]، والمني يصاحبه شهوة الفرج وقشعريرة في الجسد، أما المذي فليس منه إلا أن يغسل المذاكير؛ لحديث علي بن أبي طالب والحديث عند البخاري في كتاب العلم: باب: لا يتعلم العلم مستكبر ولا مستح، قال علي رضي الله عنه: (كنت رجلاً مذاء)، يعني: كثير المذي، والمذي: هو السائل الذي ينزل من الرجل نتيجة التكثير في الجماع أو أي إثارة، لكن لا يصاحبه شهوة لا في الفرج ولا في الجسد.
قال: (فأمرت المقداد بن الأسود يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمنزلة فاطمة)؛ يعني: لأنه زوج ابنته، فلا أسأله عن هذا الأمر المحرج، فكلف المقداد، ولذلك بوب البخاري باباً يقول: من استحيا أن يسأل يكلف غيره وهو يسمع، لا يمنعه الحياء من التعلم بنفسه أو بغيره.
قال: (فقال المقداد: يا رسول الله! ما حكم المذي؟ قال: يكفيك منه الوضوء وأن تغسل مذاكيرك)، إذاً: تغسل المذاكير وليس منه الغسل.
فإن قيل: هل المذي يفسد الصوم؟
الجواب
هذه مسألة خلافية.
قال الحنابلة: يفسد الصوم.
يقول: [ولو قبل] يقبل الزوجة لا أنه يقبل الصديقة؛ لأن هناك تقبيلاً لصديقة، وتبادل الزوجات في زمن الحضارة، هذا يعطي زوجته لهذا وهذا يعطي زوجته لهذا كتبادل النعاج.
أقول: لا ينبغي للرجل أن يقبل الزوجة في نهار رمضان إلا أن يكون مالكاً لإربه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة، والنبي صلى الله عليه وسلم أملكنا لإربه، فهل أنت مثل النبي عليه الصلاة والسلام؟ إذاً: من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فكن بعيداً واحترم نفسك في نهار رمضان، والعجيب أن الرجل في غير رمضان لا يقبل زوجته أبداً، أما في رمضان فالشيطان يزين له تقبيلها.
قال: [ولو قبل أو لمس]، الملامسة غير الجماع.
[أو أمذى]، الحنابلة يرون أن الإمذاء يفسد الصوم.
قال: [فسد صومه لذلك، أما إذا أمنى فإنه يفطر بغير خلاف علمناه].
المني يفطر لكن في اليقظة وليس في النوم، كأن نام في ظهيرة رمضان فاحتلم، يعني: رأى في نومه ما يدعو لنزول المني فاستيقظ في نهار رمضان فوجد المني، فصيامه صحيح ولا شيء عليه؛ لأنه في حال النوم وليس في حال اليقظة.
رأي الحنابلة: أنه إذا قبل فاشتهى فأنزل بطل صومه، فالحنابلة رأيهم أن المني وحده لا يفسد الصوم، وإنما مع التقبيل، ودليلهم: (يترك طعامه وشرابه وشهوته لأجلي)، فإذا قبل اشتهى، وإذا اشتهى أمذى، فعندهم وعند ابن تيمية أيضاً هذا الرأي، لكن قول الجمهور بأنه لا يفسد الصوم إلا المني، وما دون ذلك لا يفسد، فالحنابلة ومعهم ابن باز وابن تيمية من قبله رحمهم الله يرون أن المذي يفسد الصيام؛ لأنه يتنافى مع خلق الصائم، ويترتب عليه شهوة، لكن الراجح: أن المني يبطل الصوم.
لا شك في هذا.
قال: [وإن أمذى أفطر عند إمامنا].
يقصد الإمام أحمد.
الشيخ: قال: [لأنه خارج تخلله الشهوة، فإذا انضم إلى المباشرة أفطر كالمني].
يعني: عند الحنابلة وعند الإمام أحمد: أن المذي إذا خرج يتخلله شهوة فإن الشهوة تنافي الصوم، لذلك يفطر.
قال: [وإن لم ينزل لم يفسد الصوم] يعني: قبل أو لامس أو نظر دون إنزال لمني أو مذي فلا شيء عليه.
قال: [لما روى ابن عمر: (قلت: يا رسول الله! صنعت أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم.
قال: أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم.
قلت: لا بأس.
قال: فمه) رواه أبو داود].
يعني: قبلتك كمضمضتك، فالمضمضمة مقدمة الشرب، والقبلة مقدمة الجماع، فطالما تتمضمض دون مبالغة فلا شيء عليك، والتقبيل دون شهوة لا شيء فيه، وكأنه يقبل صديقه، فإذا مس أو إذا قبل أو لمس أو نظر دون أن ينزل فليس عليه شيء، كذلك النظر إلى الحرام في رمضان لا يبطل الصوم، لكنه ينقص الأجر.