للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الهدي والأضحية]

قال المصنف: [باب الهدي والأضحية].

وهناك فرق بين الهدي والأضحية، فما هو الفرق بين الهدي والأضحية؟ فكل ما يهدى في الحرم هدي، حتى وإن كان طعاماً أو لباساً فهو هدي، فالهدي أشمل من الأضحية، والأضحية أخص؛ لأنها من بهيمة الأنعام، فكل أضحية هدي وليس كل هدي أضحية.

قال المصنف: [والهدي والأضحية سنة] أي من سنن الله عز وجل في خلقه، وليس المعنى أن الهدي والأضحية سنة، فمن فعلهما يؤجر ومن لم يفعلها فلا إثم عليه، وهذا كلام فيه تدليس على الناس، وبعض المدلسين حينما يسأل: ما حكم اللحية؟ يقول: اللحية سنة من فعلها أثيب، ومن لم يفعلها لا شيء عليه، بهذه البساطة يدلّس على الناس ويتعمد الكذب؛ لأنه يعلم أن هناك فرقاً في مصطلح السنة عند المحدثين وعند الفقهاء، فالسنة معناها عند المحدثين: أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وتقريراته، فأقوال النبي صلى الله عليه وسلم سنة، وأفعاله سنة، وتقريراته سنة، وعند المحدثين تشمل الواجب، فمن السنة ما هو واجب، ومن السنة ما هو محرم، ومن السنة ما هو مستحب، ومن السنة ما هو مكروه، ومن السنة ما هو مباح.

فلبس الذهب عرفنا أنه حرام من السنة، إذاً السنة حرّمت، وكذلك السنة فرضت فروضاً فهناك فروضاً في السنة، فحينما نقول: إن إعفاء اللحية سنة أي أنه عُرف فرضها بالسنة، وليس معنى أنها سنة بمعنى أن من يفعلها يأخذ أجراً، ومن لم يفعلها ليس عليه إثم، فهذا الكلام الذي فيه تدليس هو تعمد لتضييع معنى السنة، فالسنة عند الفقهاء في مقابل الواجب.

قال المصنف: [الهدي والأضحية سنة لا تجب إلا بالنذر] أي لا تجب عليّ الهدي إلا أن أنذر أن أذبح لله، فإن نذرت فقد وجب الذبح، فكلمة (الأضحية لا تجب إلا بالنذر) نقف عندها؛ لأن العلماء اختلفوا في حكم الأضحية: فجمهور العلماء ذهبوا إلى استحبابها، وأبو حنيفة فقط ذهب إلى وجوبها، والراجح ما رآه أبو حنيفة؛ لأن من قدر على الأضحية ولم يضح فإنه آثم، وسنبين ذلك من النصوص التي أوردها المصنف.

قال الشارح: [لأن النبي صلى الله عليه وسلم (أهدى في حجته مائة بدنة)].

بينما كان الواجب على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حج قارناً أن يقدم هدياً، وقد ساقه من المدينة؛ لكنه ذبح مائة بدنة، وهذا للاستحباب وليس للوجوب.

إذاً فهو ذبح مائة بدنة تقرباً إلى الله عز وجل.

قال الشارح: [(أهدى في حجته مائة بدنة وضحى بكبشين أملحين موجوءين)] موجوءين: يعني مخصيين.

إذاً فلا بأس بأن يضحي الإنسان بالمخصي، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين.

قال الشارح: [ذبحهما بيده، وقال: (اللهم هذا منك ولك، واضعاً قدمه على صفاحهما)].