[الرد على العلمانيين الذين ينكرون الحجاب الإسلامي ويتهجمون على أصول الدين]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين وخالق الخلق أجمعين أما بعد: أيها الإخوة الكرام الأحباب! نواصل اللقاء مع الفقه الحنبلي من كتاب العدَّة شرح العمدة للإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي، ولكن قبل أن نعيش مع موضوعنا هذه الليلة دفع لي بعض الإخوة مقالاً في كتاب موجود لرجل معروف بردته قبل ذلك، وقد أصدر الأزهر فتوى بردته واستتابته واسم الكتاب (حقيقة الحجاب وحجية الحديث)، يتطاول فيه على الحجاب الشرعي، وعلى الآيات القرآنية التي جاءت في ذكر آية الحجاب، ولا أدري ماذا يريد؟ هل يريد للنساء أن يخرجن عاريات؟ فإن الفطرة السليمة السوية تقبل الحجاب، أما صاحب الفطرة التي فيها دخن فإنه يحب لزوجته أو لابنته أن تسير عارية الذراعين أو الفخذين أو الصدر وينظر إليها الرجال، إن كان يحب ذلك فهذه دياثة؛ فليراجع الأوراق.
وليست بجديدة هذه الهجمة الشرسة على الحجاب الذي فرضه الله عز وجل.
ثانياً: ذكر في مجلة حمراء -وما أكثر المجلات الحمراء في هذا الزمن الذي وسِّد فيه الأمر إلى غير أهله- أن معظم الباعة الذين يجلسون بجوار مسجد العزيز يلبسون ثياباً بيضاء قصيرة، ويطلقون اللحى؛ كأنه يستهزئ من هذا السمت، وذكرت المجلة أن الباعة يمولون الإرهاب.
الله أكبر! وهؤلاء أناس لا عقول لهم، هل انتهت أزمة الأمة؟! يا عباد الله! نسأل الله لكم العافية.
ثالثاً: والتقط صورة لأخت منتقبة، وهذا السمت يزعجهم ويقلقهم ويمرض قلوبهم، فهم يريدون للنساء العري والإباحية والاختلاط.
ولو أنه ذهب والتقط صورة على (الكرنيش) لشاب يحضن فتاة ويقبلها لكان ذلك يعجبهم.
وأبناؤهم هم الذين يفعلون هذا، لا شك في ذلك ولا مراء ولا جدال، فالمسألة -إخوتي الكرام- مسألة مزايدة، فهم يقولون: الحقوا يا ناس! الإرهاب من عند مسجد العزيز وفي الشوارع، فهم يظهرون غير ما يبطنون، وينتسبون إلى اللادين، ليس عندهم دين ألبتة، بل علمانية لها تصور في الشريعة وفي العقيدة كما بينا، تصور العلمانية في الشريعة أن هناك فرقاً بين الدين والدنيا، والدين لا يدخل في الأحكام الدنيوية، وهذا اسمه فصل الدين عن الدولة، يعني: الدين مساجد عبادة تماتم تسبيحات، إنما الأحكام والمعاملات ليس لها دخل بالدين.
إذاً: العلمانية العفنة في أقبح صورها هي: فصل الدين عن الدولة، أما في مجال العقيدة فهؤلاء يؤمنون بكل محسوس، فما أحسوه آمنوا به، وما لم يحسوه لم يؤمنوا به؛ فهذه العلمانية في أبسط صورها، وهي بدعة أوروبية مستوردة.
وهذه المجلات الهابطة الداعرة يتسلط فيها أصحابها بجهل أو بأسلوب متعمد على شرع الله عز وجل وعلى دين الله تبارك وتعالى وهم أبواق تردد ما يملى عليها.
طبعاً! مجلة في هذا الحجم وبهذه الطبعة الفاخرة تكلف آلاف الجنيهات، وأنا أنصح بعدم شراء هذه المجلات الحمراء، لا تقل: أشتريها لأعرف ما بها، أنت الآن تدعمها، إنما اجعلها كالزبالة، لا تلتفت إليها، من أجل أن تطبع ثم ترد، حتى تتوقف عن الطباعة، أما أن يطبع منها -مثلاً- عشرة آلاف نسخة وتباع؛ فهذا تصريح بالاستمرارية.
فأنا ضد اقتناء مثل هذه المجلات الحمراء أبداً بحال، وهؤلاء معروفون عندنا، تاريخهم القديم معروف بحربهم على الثوابت الإسلامية.
أما الحجاب الشرعي فقد اتفق عليه علماء الأمة قاطبة، وأنا لن أرد عليه، وإنما سأحيله إلى مفتي الديار حينما قال: الحجاب من ثوابت الإسلام، فهو الآن في حرب مع المفتي، فإنه يناقض قول مفتي الديار الذي عين مفتياً للديار، أنت يا عبد الله أيها القزم! يا من يطعن في الحجاب، لا قيمة لطعنك هذا.
بعض الناس إن لم يكن له ذكر ويكون نكرة، فيريد أن يذكر ويشتهر، فيطعن في الثوابت؛ لأجل أن نهتم به، هذا هو الغرض، يأتي إلى أمر مجمع عليه ولا نزاع فيه بين علماء الأمة فيدخل في هذا الموضوع، ونقول: وما ضر الورود وما علاها إذا المزكوم لم يطعم شذاها وحينما تقول: إن السيف أمضى من العصا ظلمت السيف.
قال الشاعر: ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا أي: أنك إذا قارنت بين السيف والعصا ظلمت السيف، فلا تلتفت إلى العصا، فإن من الظلم أن يقارن السيف بالعصا.
ولو أن كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار أي: لو أن كل كلب عوى ألقمته إلى فمه حجراً؛ أصبحت الحجارة لها ثمن؛ فدعهم ينبحون ولا جدوى لنباحهم، قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:٨]، وأمر التدافع بين أصحاب دعوة الحق وأصحاب الدعوات الباطلة سنة كونية أبدية سرمدية إلى قيام الساعة، لا بد من الصراع بين الحق والباطل، ودولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا