القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، وجلاؤها قراءة القرآن وذكر الموت، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يزور مقبرة البقيع ويسلم على أهلها، ويزور شهداء أحد، فلا بد أن تجعل لنفسك يوماً في الشهر أو في الأسبوع لزيارة القبور؛ حتى ترقق القلب، ولاسيما في هذا الزمن، زمن الماديات والجفاء، والانشغال الشديد، والتكالب على الحياة، حتى أنك لو أخبرت بعضهم أن فلاناً مريض قال: شفاه الله! لا أجد وقتاً لزيارته.
ولو قيل له: أخوك فلان مات قال: البقاء لله، الحمد لله، لكن لا أجد وقتاً للعزاء، عندي مشاغل وارتباطات.
فالانشغال بالدنيا في هذه الأيام أصبح خطيراً جداً.
وقد رأيت في بور سعيد أنهم لا يحملون الجنازة على أكتافهم، وإنما على سيارة، والسيارة تسير في طريق والمشيعون في طريق آخر، واللقاء عند القبور، وهذا موجود وليس معنى هذا أننا نقدح في أهل بور سعيد، ولكن هذا ليس من السنة، فلا بد أن نعلم الناس أن يصلوا على الجنازة ثم يتبعوها، وأما أن تسير الجنازة في طريق، والمشيعون في طريق، وأهل الميت في طريق، ثم يسرعون في الدفن فهذا أمر خطير، والبعض إذا وصل إلى المقبرة عزى أهل الميت ثم ينصرف وسواء دفنوا ميتهم أم لم يدفنوه، فلا وقت لديه للانتظار، ولو كان الأمر بيده لألقاه ثم عاد مسرعاً.