قال: ولا يضم صنف من الحب والثمر إلى غيره في تكميل النصاب، أي: لو أن رجلاً يملك خمسين كيلو من الأرز، فلا زكاة عليه، لأنه لم يبلغ النصاب بعد، وعنده كذلك سبعة كيلو من القمح، فلا زكاة عليه فيهما وإن خلطهما؛ لأنه لا اعتبار للخلطة إلا في السائمة بشروطها التي ذكرناها سابقاً.
ثم قال: لأنهما جنسان مختلفان فلم يضم أحدهما إلى الآخر كالماشية.
قال: فإن كان صنفاً واحداً مختلف الأنواع كالتمور ففيه الزكاة، فلو أن رجلاً يملك تمراً نوعه كذا، وتمراً آخر نوعه كذا، وتمراً آخر نوعه كذا، فالنوع واحد والصنف مختلف، فيجوز أن يضاف بعضه إلى بعض في تكميل النصاب كما تضم أنواع الحنطة، وليحذر المسلم من ربا الفضل في الأنواع الستة: الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والملح، كما في حديث بلال حينما جاء بتمر جيد من خيبر، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(يا بلال أوكل تمر خيبر هكذا؟)، فقال: لا يا رسول الله، إنما هذا تمر جيد استبدلناه بتمر رديء -يعني: آخذ مثلاً اثنين كيلو جيد وأعطي خمسة كيلو رديء- فقال:(هو عين الربا يا بلال)؛ لأن التمر بالتمر والفضل ربا، وطالما أنه يخضع لربا الفضل فلا بد أن يكونا متساويين في القيمة، لكن إن اختلفت الأجناس فلا ربا، وربا الفضل عند جمهور العلماء لا يكون إلا في هذه الستة الأنواع فقط، فلو أن رجلاً أعطى جلابية ورداء لآخر، وأعطاه الآخر بدل ذلك قميصاً، فلا ربا، لأنه لم يقل: والقميص بالقميص والفضل ربا، وكذلك رجل يمتلك سيارة فاستبدلها بأخرى أحسن منها ودفع الفرق فليس هذا ربا؛ لأن ربا الفضل في هذه الأنواع الستة المبينة في الحديث.
وعلى ذلك يحرم أن يشتري المسلم الذهب أو الفضة بالآجل، وإنما لابد أن يكون يداً بيد، ومثلاً بمثل في مجلس العقد، والشيخ ابن عثيمين له كتاب اسمه:(الفتاوى الذهبية)؛ لما في أسواق الذهب من مخالفات شرعية، إذ قد يبيع أحدهم ذهباً قديماً للبائع، فيزن البائع هذا الذهب ويقدره، ثم يأتي له بذهب جديد ويقول له: أعندك فرق مائة جنيه؟ فأعطاه، فهذا هو عين الربا، وكان المفروض أن يبيع القديم أولاً ويقبض ثمنه، ثم يشتري منه أو من غيره، فهذه مخالفة تحدث في سوق الذهب، وغيرها الكثير، حتى قال الشيخ رحمه الله في فتاويه: لو أنك اشتريت الذهب بشيك بنك غير مقبول الدفع فلا يجوز، لكن لو كان الشيك مقبول الدفع جاز؛ لأنه في حكم المال.
الشيخ: وكل ما يقوم مقام النقدين (الذهب والفضة) فإنه يأخذ نفس الحكم، كالأوراق النقدية.
قال: ويخرج من كل صنف على حدته؛ لأن الفقراء بمنزلة الشركاء، يعني: لو أن رجلاً عنده أرز وذرة وقمح، فيخرج من الأرز أرزاً، ومن القمح قمحاً، ومن الذرة ذرة، من كل صنف على حدته، ولا يخرج الرديء عن الجيد، لقوله سبحانه:{وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ}[البقرة:٢٦٧]، وإن أخرج الجيد عن الرديء جاز له وله أجره، يعني: رجل عنده الأنواع المتوسطة كلها رديء، فيخرج من الرديء، لكنه أراد أن يخرج الجيد فله ذلك، كمن وجبت عليه ابنة مخاض فأخرج بإرادته ابنة لبون، فهذا تُقبل منه على سبيل الفضل، لكن لا نلزمه بها.