للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا» «١».

(ويروى) «٢» أيضا عن ابن عباس قال: قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى (الانفال) وهي من المثاني وإلى (براءة) وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ووضعتموها في السبع الطّول»؟ فقال عثمان:- رحمه الله- إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان فيما «٣» يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا نزلت عليه سورة يدعو بعض من يكتب فيقول: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا»، وكانت (براءة) من آخر القرآن نزولا، وكانت (الأنفال) من أول ما نزل بالمدينة، وكانت قصتها (شبيه) «٤» بقصتها وظننتها منها، وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يبيّن لنا أمرها، قال: «فلذلك قرنت بينهما ولم أجعل بينهما سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ووضعتها في السبع الطول» «٥» ومعنى قوله: «وكانت قصتها شبيهة بقصتها»: لأنّ فيهما جميعا ذكر القتال. وروى أبو عبيد عن السدي «٦» عن عبد،


فوّض الأمر فيه إلى الأمة بعده» اه كلام الزركشي ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧.
وراجع كلام العلماء في هذه المسألة في تفسير ابن عطية ١/ ٦٦، والقرطبي ١/ ٥٩ - ٦٢، والإتقان ١/ ١٧٢ - ١٧٩، ومناهل العرفان ١/ ٣٤٦.
يقول الزرقاني: «وقد ذهب إلى هذا الرأي فطاحل العلماء، ولعلّه أمثل الآراء ... » اه مناهل العرفان ١/ ٣٥٦.
«وعلى كل حال فإنّه يجب احترام هذا الترتيب- كما يقول الزرقاني- سواء أكان ترتيب السور توقيفيا أم اجتهاديا، خصوصا في كتابه المصاحف لأنّه عن إجماع الصحابة، والإجماع حجة، ولأن خلافه يجر إلى الفتنة، ودرء الفتنة وسد ذرائع الفساد واجب» اه. المصدر نفسه.
(١) هذا جزء من حديث سيأتي بعد هذا مباشرة، وهذا الجزء منه أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بسنده إلى عثمان رضي الله عنه.
باب تأليف القرآن وجمعه .. ص ٢١٣.
(٢) في بقية النسخ: وروى.
(٣) في د وظ: مما.
(٤) هكذا في الأصل: شبيه. وهو خطأ واضح. وفي بقية النسخ: شبيهة وهو الصواب.
(٥) سبق أن ذكر المصنف جزءا من هذا الحديث عند كلامه عن أقسام القرآن بحسب سوره، وسبق تخريجه هناك ص ١٨٥.
وأزيد هنا مما حضرني من مظانه: فضائل القرآن للنسائي باب السور التي يذكر فيها كذا ص ٣٦ ومسند الإمام أحمد ١/ ٥٧.
(٦) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي- بضم المهملة وتشديد الدال- وهو السدي الكبير ابو محمد الكوفي صدوق يهم، رمي بالتشيع من الرابعة، مات سنة ١٢٧ هـ.
التقريب ١/ ٧١، وراجع الجرح والتعديل ٢/ ١٨٤، والميزان ١/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>