فضائل القرآن له ص ٢٤. وهنا ينشأ سؤال فيما يتعلق بترتيب آيات القرآن وسوره ووضعها في مواضعها هل ذلك أمر توقيفي من النبي صلّى الله عليه وسلّم أو من فعل الصحابة أو بعضها توقيفي وبعضها باجتهاد الصحابة؟. يجيب الزركشي على هذه التساؤلات فيقول: «أما ما يتعلق بترتيب الآيات في كل سورة، ووضع البسملة أوائلها: فترتيبها توقيفي بلا شك، ولا خلاف فيه، ولهذا لا يجوز تعكيسها». قال مكّي وغيره: «ترتيب الآيات في السور هو من النبي صلّى الله عليه وسلّم ولمّا لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة». وقال القاضي أبو بكر: ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم، فقد كان جبريل يقول: «ضعوا آية كذا في موضع كذا» ... إلى أن قال الزركشي وأما ترتيب السور على ما هو عليه الآن: فمذهب جمهور العلماء منهم مالك، والقاضي أبو بكر بن الطيب- فيما اعتمده واستقر عليه رأيه من أحد قوليه-: «إلى أن ذلك من فعل الصحابة، وأنّه صلّى الله عليه وسلّم فوّض ذلك إلى أمته بعده». وذهبت طائفة إلى أن ذلك توقيفي من النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم قال «والخلاف يرجع إلى اللفظ، لأن القائل بالثاني- أي أنّه من فعل الصحابة- يقول: إنّه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواضع كلماته». (١) ولهذا قال الإمام مالك: إنّما ألّفوا (أي جمعوا) القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلّى الله عليه وسلّم مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه: هل ذلك بتوقيف قولي أم بمجرد استناد فعلي، وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر؟ .... ثم قال: والقول الثالث مال إليه القاضي أبو محمد بن عطية: «إنّ كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته صلّى الله عليه وسلّم كالسبع الطول والحواميم والمفصل، وأشاروا إلى أن ما سوى ذلك يمكن أن يكون