(٢) اهتم كثير من العلماء بذكر فضائل القرآن الكريم، مستندين في ذلك لما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم والصحابة من الأحاديث والآثار فاهتموا بالترغيب في دراسته وتلاوته وتدبره، والترهيب من هجرانه ونسيانه، وصنفوا فيه التصانيف وبينوا الصحيح منه من السقيم كالبخاري ومن حذا حذوه كابن كثير وأبي عبيد الهروي والنسائي والقرطبي وغيرهم، وقد تعرضوا لبيان عظمة القرآن وحرمته وفضل قارئه، وكيفية تلاوته واستماعه، وحذروا من قراءته للرياء والسمعة- نسأل الله العافية من ذلك- وكشفوا عما أعد الله لأهل القرآن من النعيم المقيم في جنات النعيم، وما أعد كذلك من العذاب الأليم لمن أعرض عن كتابه الكريم، ووضعوا للمسلم زادا أمامه يتناول منه ما يريد، حتى يقرأ كتاب ربه على بصيرة ويدرسه دراسة نيرة بتدبر وخشوع، وعلى قدر ذلك يؤجّر المسلم ويثاب وينجو من عذاب الله يوم الحساب. هذا وقد احتذى حذوهم الإمام علم الدين السخاوي فعقد هذا الفصل لبيان بعض فضائل القرآن، فرحمه الله رحمة واسعة. وقبل الدخول فيما ذكره السخاوي من الأحاديث والآثار في فضائل القرآن على العموم وفضائل بعض السور والآيات على الخصوص، قبل ذلك أحب أن أقول: إن هناك سؤالا يفرض نفسه وهو ما المراد بالفضائل التي وردت في بعض السور والآيات؟. هل المراد اختصاص كل سورة من السور المتحدث عنها بمزية دون سواها أو أن الفضل يعود إلى الأجر الحاصل من تلاوتها والموعود بقراءتها لما تحمله في طياتها من معان عظيمة وآداب سامية كريمة. والذي ظهر لي من الأحاديث والآثار أن الأمر يشمل ذلك كله، فهو قدر مشترك وأن بعض السور والآيات قد تنفرد بمزايا لم تكن لغيرها، وقد تشترك مع غيرها في الأجر والثواب لتاليها، كسورة الفاتحة مثلا والإخلاص، والآيتين من آخر سورة البقرة، والآيات من أول سورة الكهف أو من آخرها- كما سيأتي- وهناك قضية أثارها العلماء وتحدثوا عنها وهي قضية تفضيل بعض سور القرآن أو