للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمن كان قبلنا، فهذا النسخ «١» المسكوت عنه من فهم الخطاب، لأنه قد فهم من قوله:

تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً أنه «٢» كان مباحا لهم وسكت عن حكمنا فيه، فجاز أن يكون لنا مباحا أيضا، ثم نسخ جواز إباحته بالتحريم في المائدة «٣».

وهذا غير صحيح، لأنا لم نفهم من قوله عزّ وجلّ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً أنه «٤» كان مباحا لهم، ولو فهمنا ذلك (مثلا) «٥» لم ندر ما حكمه فيه علينا، فكما «٦» يجوز أن يكون مباحا لنا، كذلك يجوز أن يكون (محرّم) «٧» علينا، ثم أن القرآن إنما ينسخ القرآن، وليس تجويزنا أن يكون مباحا لنا بقرآن فينسخ على أن الله عزّ وجلّ قد أومأ إلى تحريمه، وعرض بذمه بقوله عزّ وجلّ بعده: ... وَرِزْقاً حَسَناً فأشار بذلك إلى أن السّكر:

رزق مذموم غير حسن.

وقال أبو عبيدة: السكر: الطعم. اه «٨».

وقيل: السكر: ما سد الجوع «٩».

وفيما قدّمته ما يغني عن هذين التأويلين.

الثاني: قوله عزّ وجلّ: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ «١٠»، قالوا: نسخ


(١) في د وظ: فهذا نسخ المسكوت عنه.
(٢) في د وظ: أن كان.
(٣) اعتمد السخاوي- رحمه الله- في هذا النص على مكي بن أبي طالب مع تصرف يسير، انظر:
الإيضاح ص ٣٣١ - ٣٣٣. وراجع الناسخ والمنسوخ لقتادة ص ٤٤، وأبي عبيد ص ٥٢٠، وابن حزم ص ٤٣، والنحاس ص ٢١١، وابن سلامة ص ٢٠٧، ونواسخ القرآن ص ٣٨٣ - ٣٨٦ وتفسير الطبري ١٣٥، والقرطبي ١٠/ ١٢٨، والخازن وبهامشه معالم التنزيل للبغوي ٤/ ٨٢، والدر المنثور ٤/ ١٤٢.
(٤) في د وظ: أن كان.
(٥) في بقية النسخ: ولو فهمنا ذلك مثلا لم ندر ... الخ.
(٦) في د: وكما.
(٧) هكذا في الأصل: محرم. خطأ نحوي. وفي بقية النسخ: محرما وهو الصواب.
(٨) انظر: مجاز القرآن ١/ ٣٦٣.
(٩) هذا القول: ذكره النحاس دون عزو إلى أحد. قال: «هو مشتق من قولهم: سكرت النهر، أي:
سددته، فيتخذون منه سكرا، وعلى هذا السكر: ما كان من العجوة والرطب. وهو معنى قول أبي عبيدة» أه. الناسخ والمنسوخ ص ٢١٥.
(١٠) النحل (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>