للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا في قوله عزّ وجلّ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «١» إنه منسوخ بآية السيف «٢».

وليس كذلك، إنما هذا «٣» ندب إلى الحلم عند جهل الجاهل «٤».

قال ابن عباس:- رضي الله عنهما- هما الرجلان يسبّ أحدهما الآخر، فيقول المسبوب للساب إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك، فيصير الساب كأنه صديق لك وقريب منك «٥» اه.

والحميم: الخاص بك، قاله أبو العباس محمد «٦».

وقيل: الحميم: القريب، أي ادفع بحلمك جهل من جهل، وبعفوك إساءة المسيء.

وقال ابن عباس: أمر الله المسلمين بالصبر عند الغضب، وبالعفو والحلم عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم من أساء حتى يصير (كأنه ولي حميم) «٧» اه.


(١) فصلت: (٣٤).
(٢) قاله ابن حزم ص ٥٣ وابن سلامة ص ١٦٨.
قال ابن الجوزي: وقد زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف وساق بسنده إلى السدي، قال: هذا قبل القتال. ثم قال ابن الجوزي: وقال أكثر المفسرين: هو كدفع الغضب بالصبر، والإساءة بالعفو، وهذا يدل أنه ليس المراد بذلك معاملة الكفار. فلا يتوجه النسخ اه نواسخ القرآن ص ٤٤٥.
هذا وممن ذكر دعوى النسخ هنا ابن البارزي ص ٤٧، والكرمي ص ١٧٩ والقرطبي في تفسيره ١٥/ ٣٦١.
(٣) في د وظ: إنما هو.
(٤) انظر تفسير الطبري: ٢٤/ ١١٩.
(٥) أخرجه بنحوه ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه انظر: الدر المنثور:
٦/ ١١٣، ٧/ ١١٩.
وأورده القرطبي عن ابن عباس- رضي الله عنهما-.
قال: ويروى عن أبي بكر أنه قال ذلك لرجل نال منه اه الجامع لأحكام القرآن ١٥/ ٣٦١.
(٦) هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي، أبو العباس المعروف بالمبرد، إمام العربية ببغداد في زمنه، وأحد أئمة الأدب والأخبار، مولده بالبصرة ووفاته ببغداد (٢١٠ - ٢٨٦ هـ).
انظر: تاريخ بغداد: ٣/ ٣٧٣، والإعلام: ٧/ ١٤٤.
(٧) أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن عباس- رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>