للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي قاله لا يصح، من قبل أن سورة الأنفال نزلت قبل سورة «١» الحشر على ما ذكره عطاء الخراساني «٢» ورواه «٣»، فكيف ينزل الناسخ قبل المنسوخ؟ وأيضا فإن آية الحشر في الخراج «٤».

قال القاضي إسماعيل بن إسحاق رحمه الله «٥»: قوله عزّ وجلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى: هو في الخراج، فلم يختلف المسلمون أن خراج هذه القرى التي افتتحها المسلمون يفرّق «٦» في جميع ما يقرب إلى الله ورسوله من ذي القربى وغيرهم من السبل والطرق والثغور وعمارة المساجد، (و) «٧» في جميع نوائب المسلمين من أرزاق من يقوم بمصالحهم والذب عنهم، يفعل ذلك كله بالاجتهاد والتوخي.

قال: وقد جاء عن عمر- رضي الله عنه- أنه قرأ هذه الآية حتى بلغ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ... إلى قوله عزّ وجلّ رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «٨».

فقال عمر:- رضي الله عنه- «هذه الآية قد استوعبت الناس كلهم فلم يبق أحد


ثم قال النحاس:- بعد إيراده بقية الأقوال- أما القول إنها منسوخة فلا معنى له، لأنه ليست إحداهما تنافي الأخرى فيكون النسخ اه من المصدر نفسه.
(١) كلمة (سورة) ساقطة من د وظ.
(٢) في ظ: الخراسان. وقد سبقت ترجمته.
(٣) راجع نثر الدرر في معرفة الآيات والسور من هذا الكتاب (ص ١٠٩) وانظر تفسير القرطبي (١٨/ ١٤) ونواسخ القرآن (ص ٤٨٤).
(٤) الخراج: شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم، وهي الأتاوة، تؤخذ من أموال الناس. انظر اللسان (١٢/ ٢٥١) (خرج)، وراجع ارواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٩/ ١٩٢). ومختصر سنن أبي داود للمنذري ٤/ ٢٦٩.
(٥) هو إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد الجهضمي الأزدي، قاضي بغداد والمدائن، فقيه على مذهب مالك، من بيت فضل وعلم، له مصنفات جليلة في علوم القرآن والحديث والفقه، منها كتاب في الرد على الإمام الشافعي في مسألة الخمس، وغيره، توفي ببغداد (٢٠٠ - ٢٨٢ هـ) انظر تاريخ بغداد (٦/ ٢٨٤)، والديباج المذهب في أعيان المذهب (ص ٩٢ - ٩٥) والأعلام (١/ ٣١٠).
(٦) في د وظ: تفرق.
(٧) سقطت الواو من الأصل.
(٨) الحشر: (٨ - ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>