للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فأين النسخ؟! والآيتان في معنى واحد «١».

قال ابن عباس: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يلقى في التنزيل شدة، فكان يحرّك شفتيه كراهة أن يتفلت منه، فأنزل الله جلّ ذكره لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ أي جمعه في صدرك وأن تقرأه، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أي (فأنصت) «٢» واستمع، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أي علينا أن نبيّنه بلسانك، قال: فكان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاه جبريل- عليه السلام- استمع «٣» فإذا انطلق قرأ كما قرأ» «٤» اه.

وقال الضحاك: كان «٥» يفعل ذلك مخافة أن ينساه، قيل له إن علينا أن نحفظه في قلبك، وأن تقرأه بعد حفظه.

وروى ذلك عن ابن عباس أيضا ومجاهد وقتادة.

وقال قتادة: (إن علينا جمعه وقرآنه) أي جمعه في قلبك حتى تحفظه (وقرآنه) أي تأليفه «٦». فأي فرق بين هذه الآية وبين آية (الأعلى) فالقول بأن هذا منسوخ بذلك «٧»


(١) قلت: ونظير هاتين الآيتين قوله تعالى .. وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ... الآية (١١٤) من سورة طه.
وقد سبق أن ذكرها المصنف في موضعها (ص ٧٥٩) ورد على القائلين بأنها منسوخة بقوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى وأبطله.
(٢) غير واضحة في ت.
(٣) في بقية النسخ: يستمع.
(٤) أصل الحديث في صحيح البخاري كتاب التفسير (٨/ ٦٨٠) بشرح ابن حجر.
وصحيح مسلم كتاب الصلاة باب الاستماع للقراءة (٤/ ١٦٥) بشرح النووي، وسنن الترمذي أبواب التفسير باب ومن سورة القيامة (٩/ ٢٤٨) وسنن النسائي كتاب الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن (٢/ ١٤٩) وانظر جامع البيان (٢٩/ ١٨٧) وجامع الأصول (٢/ ٤٢٠) والدر المنثور (٨/ ٣٤٨).
(٥) كلمة (كان) ساقطة من د وظ.
(٦) انظر الآثار في ذلك عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة في جامع البيان للطبري (٢٩/ ١٨٨) والدر المنثور (٨/ ٣٤٨). قال الطبري: وأشبه القولين بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، القول الذي ذكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وذلك أن قوله إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ينبئ أنه إنما نهي عن تحريك اللسان به متعجلا فيه قبل جمعه، ومعلوم أن دراسته للتذكر إنما كانت تكون من النبي صلّى الله عليه وسلّم من بعد جمع الله له ما يدرس من ذلك اه المصدر نفسه.
(٧) في ظق: بذاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>