للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو القاسم هبة الله بن سلامة: «١» كل ما في القرآن من أَعْرِضْ عَنْهُمْ* وتَوَلَّ عَنْهُمْ* وما شاكل هذا المعنى: فناسخه آية السيف.

وقد أوضحت القول في ذلك «٢».

قال: وكل ما في القرآن إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* «٣» نسخه لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ «٤» «٥».

قلت: أفترى أنه زال خوفه من الله؟ وقد قام صلّى الله عليه وسلّم حتى تورمت قدماه، فقيل له:


- (١/ ٥٤٨) والكرمي (ص ٢٢٦) وعزاه البغدادي إلى ابن عباس- رضي الله عنهما- انظر الناسخ والمنسوخ له (ص ١٦١) قال ابن الجوزي: قال كثير من المفسرين هو منسوخ بآية السيف قال: وإنما يصح هذا إذا كان المعنى: قد أقررتم على دينكم وإذا لم يكن هذا مفهوم الآية، بعد النسخ اه نواسخ القرآن (ص ٥٠٩) ففي هذه الآية نرى أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأتباعه المؤمنين يعبدون الله بما شرع، والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله عزّ وجلّ، وقد كان المشركون عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة ويعبد آلهتهم سنة، فنزلت السورة بيانا لحالهم وتيئيسا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم من إيمان طائفة منهم بأعيانهم، وبناء عليه فلا يطمع في إيمانهم. راجع تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦٠) وهكذا نأتي إلى نهاية المطاف في آخر آية أدّعي فيها النسخ بعد هذه الجولة الطويلة.
ولعل القارئ يشاركني الرأي في هذه الآية بل وفي كل الآيات التي سبق الحديث عنها من هذا النوع أنه لا مجال للقول بالنسخ فيها وقد سبق بيان ذلك في مواضعه، وأنه لا تعارض بين تلك الآيات وبين آية السيف حتى نلجأ إلى القول بالنسخ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
(١) من هنا إلى قوله: وهذه الجملة استخرجتها ... الخ سقط من كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة في طبعتيه- على هامش أسباب النزول، وطبعة مصطفى البابي الحلبي.
وقد كنت تتبعت هذه المواضع التي ذكرها السخاوي في أماكنها المتفرقة من الكتاب حيث لا توجد مجتمعة، وظننت أن السخاوي جمعها من أقوال ابن سلامة المتناثرة في ثنايا الكتاب، ثم رجعت إلى نسخه مخطوطة من كتاب ابن سلامة، فوجدت الكلام الذي نقله السخاوي في مكانه من آخر الكتاب مجتمعا، وأن الخطأ وقع من أصحاب الطباعة، والله أعلم، أو من بعض النساخ حيث سقط النص المذكور من نسخة حيدرآباد، ولعل الذي قام بطبع الكتاب اعتمد على نسخه حيدرآباد رقم (١٣٢٤١) ثم إني وقفت على الكتاب مطبوعا في المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى عام ١٤٠٤ هـ فوجدت النص بنحوه.
(٢) وذلك في الموضع التاسع عشر والثالث والعشرين من سورة النساء (ص ٦٦٥، ٦٦٩) وراجع كذلك مناقشة السخاوي للآية (٥٤) من سورة الذاريات فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (ص ٨٤٣).
(٣) الأنعام: (١٥)
(٤) الآية الثانية من سورة الفتح.
(٥) راجع الموضع الأول من سورة الأنعام من هذا الكتاب (ص ٦٩٦).
وكذلك الموضع الأول من سورة يونس- عليه السلام- (ص ٧٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>