قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ, فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ, وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ, فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ».
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ, أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَالًا فَهَدَاكُمْ الله بِي, وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ الله عَزَّ وَجَلَّ بِي, وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ الله عَزَّ وَجَلَّ بِي» , كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالَوا: الله وَرَسُولُهُ أَمَنُّ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ: أَمَّا ذَوُو آرَائِنَا يَا رَسُولَ الله فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا, وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالَوا: يَغْفِرُ الله لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُ الأَنْصَارَ وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ, زَادَ شُعْبَةُ: وكانوا لا يكذبون.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثي عَهْدٍ بِكُفْرٍ, أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَرْجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ الله, فَوَالله مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ» , قَالَوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله قَدْ رَضِينَا.
زَادَ ابنُ زَيْدٍ: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرًا مِنْ الأَنْصَارِ, وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا, الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ».
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا الله وَرَسُولَهُ عَلَى الْحَوْضِ».
قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ.
وَخَرّجَهُ فِي: المغازي غزوة الطائف (٤٣٣٠ - ٤٣٣٤) (٤٣٣٧) , وباب {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (٧٤٤١) , وفِي بَابِ القبة الحمراء من أدم في اللباس (٥٨٦٠).