للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السموات والأرض إلا من شاء الله، فأما صعق غير الأنبياء فموت، وأما صَعقُ الأنبياء فالأظهرُ أنه غَشيْةٌ. فإذا نُفِخ في الصور نفخة البعث، فمن مات حَيِي، ومن غُشي عليه أفاقَ.

ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق على صحته: «فأكون أولَ من يُفيق». فنبيُّنا (١) أولُ من يخرج من قبره قبل جميع الناس إلا موسى، فإنه حصل فيه تردُّدٌ: هل بُعِث قبلَه من غَشْيته، أو بقي على الحالةِ التي كان عليها قبل نفخةِ الصَّعق مفيقًا؛ لأنه حُوسب بصعقةِ (٢) يوم الطُّور. وهذه فضيلةٌ عظيمة لموسى عليه السلام (٣). ولا يلزم من فضيلةٍ واحدة أفضليَّةُ موسى على نبينا مطلقًا، لأن الشيء الجزئيَّ (٤) لا يوجب أمرًا كليًّا. انتهى (٥).

قال أبو عبد الله القرطبي (٦): إنْ حُمِل الحديث على صعقةِ الخلق يوم القيامة فلا إشكالَ. وإنْ حُمِل على (٧) صعقة الموت عند النَّفخ في الصور، فيكون ذكرُ يوم القيامة مرادًا به أوائله. فالمعنى: إذا نُفخ في الصور نفخةُ


(١) (ن): «فتبين»، تحريف.
(٢) (ب، ط، ج): «بصعقته».
(٣) هنا انتهى كلام أبي العباس القرطبي.
(٤) رسمها في (أ، ب، ق): «الجزوي» بالواو.
(٥) قوله: «انتهى» يوهم أن ما سبق كله كلام أبي العباس، والحق أن «ولا يلزم ... » إلخ تعليق أبي عبد الله على كلام شيخه.
(٦) الكلام الآتي ليس لأبي عبد الله، وإنما هو جزء من كلام طويل للحليمي، نقله أبو عبد الله من كتابه المنهاج. وهذا الجزء متصل بما نقله ابن القيم من قبل في أول نقله عن القرطبي.
(٧) «صعقة الخلق ... على» سقط من (ن) لانتقال النظر.