للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجتمعَين، كما يكون للروح (١) منفردةً عن البدن.

وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح؟ هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام. وفي المسألة أقوال شاذّة ليست من أقوال أهل السنة والحديث: قولُ من يقول (٢): إنّ النعيمَ والعذابَ لا يكون إلا على الروح، وإنَّ البدنَ لا يُنعَّم ولا يُعذَّب. وهذا تقوله (٣) الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين. ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم الذين يُقِرُّون بمعاد الأبدان، لكن يقولون: لا يكون ذلك في البرزخ، وإنما يكون عند القيام من القبور».

[٣٣ أ] لكن (٤) هؤلاء يُنكرون عذاب البدن في البرزخ فقط، ويقولون: إنَّ الأرواحَ هي المنعَّمة أو المعذَّبة في البرزخ، فإذا كان يومُ القيامة عُذِّبت الروح والبدن معًا. وهذا القول قاله طوائفُ من المسلمين من أهل الكلام والحديث وغيرهم، وهو اختيارُ ابن حزم وابن مسَرَّة (٥). فهذا القول ليس من الأقوال الثلاثة الشاذّة، بل هو مضاف إلى قول من يقول بعذاب القبر، ويُقِرُّ بالقيامة، ويُثبِت معاد الأبدان والأرواح، ولكن هؤلاء لهم في عذاب القبر ثلاثة أقوال:


(١) في جميع النسخ: «تكون الروح»، وفي (ب، ز): «يكون». والصواب ما أثبتنا من الفتاوى.
(٢) ذكر شيخ الإسلام ثلاثة أقوال شاذّة، وهذا هو الأول.
(٣) ما عدا (أ، ق)، الفتاوى: «يقوله».
(٤) هذا تعليق ابن القيم عقّب به على كلام شيخه للتوضيح.
(٥) (أ، ط، غ): «ابن مرة». (ن، ج): «ابن ميسرة». وفي (ز): «مرّة» دون كلمة «ابن». والمثبت من (ب، ق). وقد مرّ ذكره قريبًا.