للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أنَّه على الروح فقط.

الثاني: أنَّه عليها وعلى البدن بواسطتها.

الثالث: أنَّه على البدن فقط.

وقد يُضمُّ إلى ذلك القولُ الثاني (١)، وهو قول من يُثبِت عذاب القبر، ويَجعل الروحَ هي الحياةَ. ويُجعَل الشاذُّ (٢) قولَ منكر عذاب الأبدان مطلقًا، وقولَ من يُنكر عذابَ الروح مطلقًا.

فإذا جعلت الأقوال الشاذَّة ثلاثةً، فالقولُ الثاني الشاذُّ (٣): «قولُ من يقول: إنَّ الروحَ بمفردها لا تُنعَّم ولا تُعذَّب. وإنما الروحُ هي الحياة. وهذا يقوله طوائفُ من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية، كالقاضي أبي بكر وغيره، وينكرون أنَّ الروحَ تبقى بعد فراق البدن. وهذا قولٌ باطل، وقد خالفه أصحابه أبو المعالي الجويني وغيره. بل قد ثبت بالكتابِ والسنّة واتِّفاق [سلف] (٤) الأمة أنّ الروحَ تبقى بعد فراق البدن (٥)، وأنّها منعَّمة أو مُعذَّبة.

والفلاسفة الإلهيون يُقِرُّون بذلك، لكن ينكرون معاد الأبدان. فهؤلاء يُقِرُّون بمعاد الأبدان، لكن ينكرون معاد الأرواح ونعيمها وعذابها بدون الأبدان. وكلا القولين خطأ وضلال، لكن قولُ الفلاسفة أبعدُ عن أقوال أهل


(١) يعني: من الأقوال الشاذّة عند شيخه.
(٢) في جميع النسخ ما عدا (ن): «الفساد»، وهو تحريف.
(٣) انتهى تعليق ابن القيم، ورجع السياق إلى كلام شيخ الإسلام.
(٤) من مجموع الفتاوى.
(٥) «فإذا جعلت ... البدن» ساقط من (ب، ط، ج).