للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: كانا مسلمين لنفيْهِ - صلى الله عليه وسلم - التعذيبَ بسببٍ غير السببين المذكورين، ولقوله: «وما يعذبان في كبير»، والكفرُ والشرك أكبر الكبائر على الإطلاق. ولا يلزم أن يشفَع النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل مسلم يعذَّب في قبره على جريمة من الجرائم (١)، فقد أَخبر عن صاحب الشَّملة الذي قُتل في الجهاد أنَّ الشملة تشتعل عليه نارًا في قبره، وكان مسلمًا مجاهدًا (٢). ولا يُعلَم ثبوت هذه اللفظة، وهي قوله: «كانا كافرين» (٣)، ولعلها لو صحَّت ــ وكَلَّا (٤) ــ فهي من


(١) في (أ، غ): «على الحرام». سقط وتحريف.
(٢) يشير إلى حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري (٤٢٣٤) ومسلم (١١٥).
(٣) أخرج الطبراني في الأوسط (٤٦٢٨) من طريق ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: «مرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على قبور نساء من بني النجار، هلكوا في الجاهلية، فسمعهم يعذَّبون في القبور في النميمة». قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن أسامة بن زيد إلا ابن لهيعة». ومن هذا الوجه رواه أبو موسى المديني، كما في فتح الباري (١/ ٣٢١)، ولفظه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية، فسمعهما يعذبان في البول والنميمة» قال أبو موسى: «هذا وإن كان ليس بقوي لكن معناه صحيح».
قال الحافظ ابن حجر: «لكن الحديث الذي احتج به أبو موسى ضعيف كما اعترف به، وقد رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم وليس فيه سبب التعذيب، فهو من تخليط ابن لهيعة».

يعني الحافظ ما أخرجه الإمام أحمد (١٤١٥٢) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٥٥): «رجاله رجال الصحيح». (قالمي).
(٤) «وكلا» ضرب عليه في الأصل، ولم يرد في (ب، غ).