للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخرة لم يمتنع امتحانهم في القبور.

قال الآخرون: السؤال إنما يكون لمن عَقَل الرسولَ والمرسِل (١) [٥٧ أ]، فيُسأل: هل آمن بالرسول وأطاعه أم لا؟ فيقال له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فأما الطفلُ الذي لا تمييزَ له بوجه ما، فكيف يقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بُعِث فيكم؟ ولو رُدَّ إليه عقله في القبر فإنه لا يُسأل عما لم يتمكَّن من (٢) معرفته والعلم به، فلا فائدة في هذا السؤال (٣).

وهذا بخلاف امتحانهم في الآخرة، فإنَّ الله سبحانه يُرسل إليهم رسولاً، ويأمرُهم بطاعة أمره، وعقولُهم معهم. فمن أطاعه منهم نجا، ومن عصاه أدخله النار. فذلك امتحانٌ بأمر (٤) يأمرهم به يفعلونه ذلك الوقت، لا أنه سؤال عن أمر مضى لهم في الدنيا من طاعةٍ أو عصيانٍ كسؤال الملكين في القبر.

وأما حديث أبي هريرة فليس المرادُ بعذاب القبر فيه عقوبة الطفل على ترك طاعة أو فعلِ معصية قطعًا، فإنّ الله لا يعذِّب أحدًا بلا ذنبٍ عَمِله، بل عذاب القبر قد يراد به الألمُ الذي يحصلُ للميت بسبب غيره، وإن لم يكن عقوبةً على عملٍ عَمِله (٥). ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ الميِّت لَيُعَذَّبُ ببكاء أهله


(١) «والمرسل» ساقط من (ب).
(٢) ساقط من (ب، ط، ج).
(٣) (ق): «ولا فائدة ... ». (أ، غ): «ولا فائدة بهذا السؤال».
(٤) «بأمر» ساقط من (ب، ن، ج).
(٥) (ب، ط، ج): «على عمله».