للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك، وقوله فيه: نسمة المؤمن طائر، ولم يقل: في جوف طائر (١).

قال: وروى عيسى بن يونس حديث ابن مسعود (٢) عن الأعمش، عن عبد الله بن مُرَّة، عن مسروق، عن عبد الله: «كطير خضر».

قلت: والذي في صحيح مسلم: «في أجواف طير خُضر».

قال أبو عمر: فعلى هذا التأويل، كأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما نسَمَةُ المؤمن من الشهداء طائر (٣) يعلق في شجر الجنة».

قلتُ: لا تنافي بين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «نسمة المؤمن طائر [٦٢ ب] يعلق في شجر الجنة» وبين قوله: «إن أحدكم إذا مات عُرِض عليه مقعدُه بالغداة والعَشِيِّ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار».وهذا الخطاب يتناول الميِّتَ على فراشه والشهيدَ، كما أنَّ قوله: «نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة» يتناول الشهيدَ وغيرَه. ومع كونه يُعرَض عليه مقعده بالغداة والعشيِّ تَرد روحُه أنهارَ الجنة، وتأكل من ثمارها. وأما المقعدُ الخاص به والبيتُ الذي أُعِدَّ له، فإنَّه إنما يدخله يوم القيامة.

ويدلُّ عليه أنَّ منازلَ الشهداء ودُورَهم وقصورَهم التي أَعدَّ الله لهم ليست هي (٤) تلك القناديل التي تأوي إليها أرواحُهم في البرزخ قطعًا. فهم


(١) «ولم ... طائر» ساقط من (ن).
(٢) في الأصل ضرب بعضهم على «مسعود» وكتب في الطرّة: «منصور» مع علامة صح. وهو غلط منه إذ ظنَّ أن «ابن مسعود» هنا يروي عن الأعمش! وكذا «ابن منصور» في (غ).
(٣) (ب، ج): «كطائر». وأشار إلى هذه النسخة في طرّة (ط). وهو خطأ.
(٤) (ب، ط، ج): «من»، تحريف.