للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في حواصلِ طيرٍ خُضْرٍ تأوي إلى قناديل معلَّقةٍ بالعرش، هي لها كالأوكار للطائر. وقد صرَّح بذلك في قوله: «جعل الله أرواحَهم في أجواف طير خُضر».

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «نسَمةُ المؤمن طائر يعلُق في شجر الجنة»، يحتمل (١) أن يكون هذا الطائرُ مَرْكبًا للروح كالبدن لها، ويكون ذلك لبعض المؤمنين والشهداء. ويَحتمل أن يكون الروحُ في صورة طائر. [٧٢ أ] وهذا اختيار أبي محمد بن حزم وأبي عمر بن عبد البر (٢).

وقد تقدَّم كلام أبي عمر، والكلام عليه (٣).

وأما ابن حزم، فإنه قال: معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «نسمة المؤمن طائر يعلُق» هو على ظاهره، لا على ظنِّ أهل الجهل. وإنما أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنَّ نسمة المؤمن طائر (٤) يعلُق، بمعنى (٥) أنَّها تطير في الجنَّة، لا أنَّها تُمْسَخ (٦) في صورة الطير.

قال: فإن قيل: إنَّ النسمة مؤنثة (٧)، قلنا: قد صحَّ عن عربي فصيح أنَّه


(١) زاد في (ن) قبله: «فهذا».
(٢) كذا ورد في جميع النسخ. والظاهر أن هذا اختيار أبي عمر. أما ابن حزم فذهب إلى أن النسمة هي التي ستطير في الجنة، كما نقل عنه المصنف.
(٣) انظر (ص ٢٩٣) فما بعدها.
(٤) «هو على ... طائر» ساقط من (ن). وكذا «يعلق» بعد «طائر» في جميع النسخ، ولم يرد في كتاب الفصل، وهو الأفضل في هذا السياق؛ لأن ابن حزم أراد تفسير كلمة «طائر» لا إعادة الحديث.
(٥) (ب، ط، ن، ج): «يعني». والمثبت من غيرها موافق لما في مصدر النقل.
(٦) الفصَل: «تنسخ».
(٧) يعني: مقتضى تأنيثها أن يقال: طائرة، لا طائر كما في الحديث.