للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: أتتك كتابي، فاستخفَفْت بها. فقيل له: أتؤنِّثُ الكتاب؟ قال: أوَليس صحيفةً؟ (١) وكذلك النسمة [روحٌ]، فتُذكَّر (٢) لذلك.

قال: وأما الزيادة التي فيها أنها في حواصِل طيرٍ خُضْرٍ، فإنَّها صفة تلك القناديل التي تأوي إليها. والحديثان معًا حديث واحد (٣).

وهذا الذي قاله في غاية الفساد لفظًا ومعنًى، فإنَّ حديث: «نسَمةُ المؤمن طائرٌ يعلُق في شجر الجنة» غير حديث: «أرواحُ الشهداء في حواصلِ طيرٍ خُضْرٍ». والذي ذكره محتمل في الحديث الأول.

وأما الحديث الثاني، فلا يَحتملُه (٤) بوجه. فإنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنَّ أرواحَهم في حواصل طير (٥)، وفي لفظ (٦): «في أجواف طير خُضر». وفي لفظ: «بِيض» (٧)،


(١) حكاه الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلاً من اليمن يقول: فلان لغوب، جاءته كتابي، فاحتقرها، فقلت له: أتقول: جاءته كتابي! قال: نعم، أليس بصحيفة؟ انظر: الخصائص لابن جني (١/ ٢٤٩)، ولسان العرب (لغب) (١/ ٧٤٢).
(٢) كذا بالفاء في كتاب الفصَل. وما بين المعقوفين زدناه منه، لأن السياق يقتضيه.

وفي (أ، ق، ن، غ): «تذكر لذلك». وفي (ب): «ولذلك». وفي (ط): «تؤنث وتذكر وكذلك».
(٣) كتاب الفصَل (٢/ ٢١٧).
(٤) (ب، ط، ج): «ما لا يحتمله»، تحريف.
(٥) (ق، ن): «طير خضر».
(٦) (ب، ط، ج): «لفظ آخر».
(٧) عزاه ابن رجب في أهوال القبور (ص ١٨٥) لأبي الشيخ الأصبهاني من طريق عبد الله بن ميمون، عن عمّه مصعب بن سُليم، عن أنس بن مالك، مرفوعًا بلفظ: «يبعث الله الشهداء من حواصل طير بيض كانوا في قناديل معلقة بالعرش». وعبد الله بن ميمون ذكره المزي في تهذيب الكمال (٢٨/ ٢٧) في الرواة عن مصعب بن سُليم ووصفه بصاحب الطيالسة، ولم أظفر له بترجمة. (قالمي)