للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩]» (١).

وأما حديث كعب بن مالك، فهو في السنن الأربعة ومسند أحمد. ولفظه للترمذي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أرواح الشهداء في طيرٍ خُضْرٍ تعلُق في ثمر الجنة أو شجر الجنة» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (٢).

ولا محذور في هذا، ولا يبطِل قاعدة من قواعد الشرع، ولا يخالف نصًّا من كتاب الله ولا سنَّةً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. بل هذا من تمام إكرام الله تعالى للشهداء أن أعاضَهم من أبدانهم التي مَزَّقوها لله أبدانًا (٣) خيرًا منها، تكون مَرْكبًا لأرواحهم، ليحصل بها كمال تنعُّمهم (٤). فإذا كان يومُ القيامة ردَّ أرواحَهم (٥) إلى تلك الأبدان التي كانت [٧٣ أ] فيها في الدنيا.

فإن قيل: فهذا هو القولُ بالتناسخُ وحلولِ الأرواح في أبدانٍ غيرِ أبدانها التي كانت فيها.

قيل: هذا المعنى الذي دلَّت عليه السنَّة الصريحة حقٌّ يجب اعتقاده. ولا يُبطلِه تسميةُ المسمِّي له: تناسخًا، كما أنَّ إثبات ما دلَّ عليه العقل والنقل


(١) سبق تخريجه في المسألة الخامسة (ص ١١٢).
(٢) الترمذي (١٦٤١). وقد سبق في (ص ١١٢) تخريجه والتنبيه على أن لفظ الترمذي من رواية عمرو بن دينار عن الزهري، وأما سائر أصحاب الزهري كمالك ومعمر ويونس والأوزاعي فلم يذكروا الشهداء، وإنما ذكروا «نسمة المؤمن أو المسلم». (قالمي).
(٣) (ب، ط، ن، ج): «أبدانًا أُخَر».
(٤) (ق): «تنعيمهم». (ن، غ): «نعيمهم».
(٥) «يحصل ... أرواحهم» ساقط من (ب).